أبوظبي (وام)

 أكدت معالي نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب، أن الثقافة محور أساسيّ لتحقيق السلام في العالم، لافتةً إلى أن الإمارات العربية المتحدة تولي الثقافة بمكوناتها المختلفة، أهمية كبيرة، باعتبارها إحدى أدوات القوّة الناعمة التي تعكس القوى والإمكانات التي تتمتع بها الشعوب، وأن قيم التسامح والأخوّة والتعايش التي تستند إليها الثقافة الإماراتية هي ثوابت راسخة في عمق النسيج الثقافي للدولة.
جاء ذلك خلال مشاركة معاليها في النسخة الخامسة من منتدى باريس للسلام الذي عُقد يومي 11 و12 في العاصمة الفرنسية، وحضره رؤساء دول وشخصيات رسمية وثقافية، وممثلون عن منظمات دولية وبنوك ومؤسسات التنمية من مختلف أنحاء العالم، لمناقشة جملة من المواضيع والتحدّيات التي تواجه العالم، تحت شعار «تخطي الأزمة المتشعبة».
وشارك إلى جانب معاليها في الجلسة التي عقدت بعنوان «تضمين الثقافة في صميم السياسات والتعاون» يوسو ندور، وزير الثقافة السنغالي السابق، وإرنستو أوتون، مساعد المدير العام للثقافة لدى منظمة اليونسكو، وماريكو سيلفر، رئيس مؤسسة لوس، وأدارتها ناتالي ديلابالم، المديرة التنفيذية لمؤسسة محمد إبراهيم، حيث تطرقت معاليها إلى الحديث عن أهمية ترسيخ الثقافة في جوهر السياسات وأطر التعاون بين مختلف الحكومات والجهات، وموقف دولة الإمارات العربية المتحدة من الثقافة وأهميتها، باعتبارها أحد مكونات القوة الناعمة للدولة.
وقالت معاليها: «تشكل الثقافة ركيزة أساسية للهوية المجتمعية للأفراد، وعاملاً أساسيّاً لتعزيز تماسكهم وتفاعلهم الاجتماعي، ولهذا حرصت دولة الإمارات على تعزيز القيم الثقافية والفكرية في المجتمع، ومن خلال تكريس الهوية الإماراتية، وتعزيز القيم الإيجابية في المنظومة التعليمية، كما ساهمت المؤسسات التعليمية في ربط الجيل الجديد بتاريخهم وأساسياتهم، وعزّزت من قيم الانتماء للثقافة العربية والقيم الأصيلة».
وشددت معاليها على أهمية تعزيز الثقافة بين الشباب، ومنحهم المجال لاستكشاف ما يربط تراثهم مع ما يحمله المستقبل من فرص.

علاقات متميزة
وأضافت: «تحرص الإمارات على تعزيز القطاع الثقافي والإبداعي، فهي توليه كلّ الاهتمام، ولهذا حشدت دولتنا مختلف الجهود من أجل ترسيخ مفاهيم الثقافة والفنون وجعلها منهجاً أكاديمياً، وبناء عليه اقترحنا العام الماضي أثناء الدورة الـ211 للمجلس التنفيذي لمنظمة (اليونسكو) إطار عمل لتعليم الثقافة والفنون في المؤسسات والمعاهد الأكاديمية، وتم اعتماده بالإجماع من قبل الدول الأعضاء».
وفيما يتعلّق بالتعاون الثقافي الذي يربط الدولة مع الجمهورية الفرنسية، قالت معاليها: «ترتبط الدولتان بعلاقات متميزة في مختلف المجالات، ويعدّ افتتاح متحف اللوفر- أبوظبي - باعتباره أول فرع خارجيّ للمتحف - محطة فارقة في مجمل العلاقات المشتركة، كما يعكس قوّة الترابط في المجال الثقافي».
وتابعت معاليها: «يشكّل وجود المتحف على أرض الإمارات مثالاً على أن الثقافة عابرة للحدود واللغات، ونحتفل هذا العام بمرور خمس سنوات على افتتاح المتحف الذي يدفعنا دوماً، إلى جانب مشاريعنا العالمية الأخرى مثل إحياء روح الموصل في العراق، إلى تشجيع المجتمعات لتتبنّى قيم التسامح والتعايش والتنوّع». وفي ذلك، أشارت معاليها إلى نجاح معرض (إكسبو 2020 دبي)، الذي يعدّ أحد أكبر وأهم الفعاليات الثقافية في العالم، في استقطاب أكثر من 190 دولة للتعريف بثقافاتها، ومشاريعها التجارية والاقتصادية والدبلوماسية»، موضحة أن العالم كلّه تجمّع تحت قبّة الوصل لتكوين وتوطيد روابط التعاون والقيم الإنسانية المشتركة.

معرض البردة
كما شهدت معالي نورة الكعبي معرض البردة، وعرضاً مميزاً لفن «المالد» الذي أُقيم في مقر «اليونسكو في» باريس بالتزامن مع مشاركتها في جلسة حوارية خاصة ضمن فعاليات «ماجلون» التي نظمتها سفارة الدولة في فرنسا، للاحتفاء بمشروع إحياء روح الموصل، المشروع المشترك بين دولة الإمارات ومنظمة «اليونسكو»، الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع الحكومة العراقية.
وقالت معاليها: «إن مشروع إحياء روح الموصل يتجاوز كونه مبادرة عادية، فهو يترك أثراً كبيراً لما يرمز له من أمل وفرص وتطور يتعدى صداه مدينة الموصل، كما أنه مكّن أهل المدينة من المساهمة الفعلية في إعادة بناء مدينتهم بصفتهم شركاء حقيقيين».
وأضافت: «مدينة الموصل أكثر من مجرد حاضنة لتاريخ تراثيّ كبير، فهي تمتلك عراقة اجتماعية وثقافية كبيرة، وهذا ما يمنح المشروع قيمة إضافية، ولهذا حرصت دولة الإمارات بالتعاون مع منظمة (اليونسكو) والحكومة العراقية قبل خمسة أعوام على إعادة المدينة إلى ألقها المعهود، عن طريق إطلاق المشروع الذي تعتبره قيادة الدولة من أهم مبادرات السلام والجسر الأبرز لتعزيز التراث الإنساني».
وتابعت معاليها: «استقبل مسجد النور من جديد صبيحة عيد الأضحى المبارك المصلين، ولم يكن هذا الأمر ليتحقق لولا جهود الجميع، بمن فيهم أبناء المدينة الذين قدّموا العون والمساندة لإنجاح المشروع، بالتعاون مع دولة الإمارات التي قدمت الدعم المادي إلى جانب الاتحاد الأوروبي، ومنظمة (اليونسكو) لإعادة التأهيل، وقد ساهم هذا التعاون في إعادة الحياة من جديد لهذا الصرح الديني التاريخي، إذ قدّمت دولة الإمارات تمويلاً مالياً إلى جانب الاتحاد الأوروبي، كما لعبت خبرة (اليونسكو) في مجال الترميم دوراً فاعلاً، ونعتزّ بأننا جزء من هذا المشروع الذي احتفلنا فيه مؤخراً بذكرى إحياء المولد النبوي الشريف».
وثمّنت معاليها تعاون منظمة «اليونسكو» والاتحاد الأوروبي والحكومة العراقية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وجهودهم في إعادة تأهيل الموصل.
واختتمت حديثها بالقول: «بدأ المشروع بفكرة إعادة ترميم المسجد ومئذنته الحدباء، وسرعان ما شمل الدعم أيضاً كنيستي الطاهرة والساعة، وهذا أمر يعكس التزام دولة الإمارات بمبادئ التعدّدية والتنوّع الديني، وما زال العمل جارياً في المشروع لاستعادة عراقة وأصالة المدينة التاريخية من جديد».