إبراهيم الملا (الشارقة)

نظّم اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، مساء أمس الأول بمعرض الشارقة الدولي للكتاب الـ41، ندوة ثقافية تناولت بدايات نشوء الحراك الفني بالإمارات، تحدث فيها المصمّم المخضرم هشام المظلوم، وأدارتها الأديبة صالحة غابش مديرة المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، التي أوضحت أثناء تقديمها للندوة أن هشام المظلوم هو رائد فن التصميم بالإمارات، وأنه نشأ وسط حراك ثقافي متنوّع بزواياه ومشاهده وأبعاده، مضيفة أن بواكير العمل الإبداعي في المكان انطلقت من خلال الشعر والقصة القصيرة في أوائل السبعينيات، حيث ظهرت أسماء إبداعية مبشّرة، برزت وتأكدّت إسهاماتها النوعية في التسعينيات من القرن الماضي، ونوّهت غابش بأن الفن التشكيلي والمسرح كانا من العناصر البارزة في النسيج الثقافي آنذاك، وقد ساهمت الخبرات العربية في تقويته وصقله.
وقال هشام المظلوم، في مستهلّ حديثه، إنه اهتم بآليات التعبير الفني منذ طفولته، وتعامل معها بشكل مباشر في السبعينيات التي كان مهتماً فيها أيضاً بالرياضة، حيث اختير لاعباً في منتخب الإمارات لتنس الطاولة حتى عام 1981، مضيفاً أنه مارس العمل الفني في مدرسة العروبة الثانوية بالشارقة من خلال انضمامه لمركز الخزف، الذي كان يشرف عليه الفنان الكبير الدكتور محمد يوسف. وفي مرحلة تالية انجذب إلى مجال (الغرافيك) أو فن التصميم من خلال اطلاعه على كتب تتناول هذا النوع الخاص من الفنون، وعندما انضم للعمل في الدائرة الثقافية بالشارقة بداية الثمانينيات قام بتصميم العديد من طوابع البريد، وملصقات ترويجية لعدد من العروض المسرحية، كما صمم أغلفة الكتب للكثير من المؤلفين، وغيرها من مجالات التصميم. وأوضح المظلوم أنه لقي دعماً قوياً وتشجيعاً كبيراً من الراحل الكبير الشيخ أحمد بن محمد القاسمي أول رئيس للدائرة الثقافية بالشارقة من أجل الاستمرار في هذا الفن، واقترح عليه الشيخ أحمد - كما أشار المظلوم- أن يقيم له ستوديو خاصاً كي يحترف هذا الفن. ولكن العمل الإداري ورعاية المشاريع الفنية أبعدت المظلوم عن التفرغ للمشغل الفني الشخصي، موضحاً أن أسفاره المتعددة حول العالم ساهمت في اطلاعه على بانوراما ضخمة من أعمال الغرافيك وأساليب التصميم، التي ساعدته كثيراً في التعرّف على أسرار هذا الفن، وعلى خطاباته غير المباشرة ومدارسه وتياراته والإمكانات المذهلة التي يختزنها.

قوة  ثقافية ناعمة
وأكد المظلوم أن بدايات الحراك الثقافي والفني في الإمارات انطلقت من وعي استشرافي مستنير ومبكر امتلكه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي انتبه منذ البداية للقوة الثقافية الناعمة، والتي رأى سموه أنها أكثر بكثير من مجرّد إشباع للتذوّق الفني، أو مجرّد تعبير ذاتي من قبل المبدع، بل هي وسيلة مثالية لتنمية الإنسان وتطوير قدراته وتكوين مجتمعات ذات حصانة روحية وفكرية تحافظ على القيم النبيلة، وتصنع مستقبلاً زاهياً للأجيال القادمة، من خلال مشاريع ثقافية مبتكرة ومستدامة.
وعاد المظلوم بذاكرته إلى النشاطات الثقافية المبكرة في قاعة أفريقيا بالشارقة، والتي اعتبرها مهداً للتطور الثقافي الكبير الذي نلمسه اليوم في معرض الشارقة للكتاب، وفي مهرجانات المسرح، وبينالي الشارقة للفنون، مؤكداً أن قاعة أفريقيا من خلال فعالية «الموسم الثقافي» كانت منطلقاً لمعظم المشاريع المهمة والمؤسسات التخصصية في مجالات الفنون والثقافة بعد ذلك، وأن المجموعة الفنية التي انضم إليها أثناء الموسم الثقافي شملت أسماءً رائدة مثل: الفنان الراحل حسن شريف، والدكتور محمد يوسف، ونجاة مكي، ومحمد القصّاب، وعبدالرحيم سالم، وغيرهم، وقال إن هذه النواة الفنية أسهمت في إنشاء أول جمعية للفنون التشكيلية في الإمارات برعاية كريمة ودعم غير محدود من قِبَل صاحب السمو حاكم الشارقة.

«طاقة البطاقة»
أوضح هشام المظلوم أن من أهم المشاريع التي عمل عليها وساهمت في ترويج فن التصميم من ضمن الفنون التشكيلية بالدولة، مشروع: «طاقة البطاقة» الذي انطلق تحت إدارته بمتحف الشارقة للفنون، ولقي المشروع ترحيباً عالمياً واكتسب صيتاً دولياً، بعد مشاركة فنانين من مختلف دول العالم فيه، حتى أصبح ظاهرة ثقافية فريدة حينها، جعلت من فن الملصق إحدى العلامات الفارقة في مسيرة الفن التشكيلي بالإمارات.