سعد عبد الراضي (الشارقة)
الشيخة بدور القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، شخصية ثقافية قيادية بامتياز، وبفضل جهودها المتواصلة لترسيخ مكانة الشارقة مركزاً ثقافياً نالت الإمارة لقب «الشارقة عاصمة عالمية للكتاب» من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» وذلك في 2019 - 2020. كما كانت لها جهود حثيثة في قطاع النشر العالمي، نتيجة لرؤيتها الثاقبة تجاه قطاع النشر، حيث كانت أطلقت سلسلة من المبادرات الكبيرة، لعل أبرزها تأسيس (PublishHer) في عام 2019، كمبادرة للتواصل والتفاعل لتعزيز دور المرأة في المناصب القيادية لصناعة النشر، وبالفعل أصبح للمرأة الإماراتية حضور بارز في هذا القطاع المهم، بالإضافة لمبادرة الصندوق الأفريقي للابتكار في النشر، بالتعاون مع دبي العطاء والاتحاد الدولي للناشرين لدعم المشاريع، التي تهدف لتعزيز التنمية المستدامة والتعليم والنشر في القارة الأفريقية.
والشيخة بدور القاسمي لديها شغف لا ينتهي بترسيخ مكانة الدولة عالمياً في الجانب الثقافي عموماً، وفي قطاع النشر وكل ما يتعلق بصناعته على وجه التحديد، حيث أدى دعمها لريادة الأعمال إلى تأسيس «مركز الشارقة لريادة الأعمال» (شراع) في عام 2016، ليصبح منصة لبناء جيل من صنّاع التغيير في الإمارة، وتعزيز مكانة الشارقة العالمية كمركز حيوي لريادة الأعمال والشركات الناشئة، كما أسست الشيخة بدور القاسمي عدداً من المؤسسات المهمة، التي تعكس جهودها المشهودة في دعم قطاع النشر بمكوناته الثلاثة: الكتاب والناشر والكاتب، فهي الرئيسة التنفيذية والمؤسسة لـ«مجموعة كلمات» تلك المجموعة التي تأتي للتأكيد على أهمية الكتاب، وغرس حب المعرفة والقراءة لدى الأجيال الجديدة من الأطفال واليافعين. كما قادت من خلال «مؤسسة كلمات» عدداً من الحملات لتوفير آلاف الكتب للأطفال اللاجئين والمتأثرين بالحروب والصراعات والصعوبات في جميع أنحاء العالم.
وفي حوار خاص لـ«الاتحاد»، تحدثت الشيخة بدور القاسمي عن رؤيتها لمعرض الشارقة في دورته الـ41 بعد النجاحات العالمية التي حققها في السنوات السابقة، قائلة: أعتقد أن أبرز ما يميّز معرض الشارقة الدولي للكتاب هو أنه يعزز من مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها مركزاً ثقافياً رائداً في المنطقة، ووجهة تجمع المؤلفين، والمترجمين، والناشرين، والمكتبيين، والقراء، من الأعمار والجنسيات كافة، وهو بالتالي يسهل التواصل والتقارب مع المجتمعات الأخرى، ويجعلنا أكثر ترابطاً وتضامناً مع بعضنا بعضاً.
وأضافت: ليس أدل على نجاح معرض الشارقة الدولي للكتاب من كونه الأكبر في العالم، على مستوى بيع وشراء حقوق النشر والترجمة، هذا إلى جانب أنه لم يعد سوقاً لبيع الكتب فحسب، وإنما أصبح مهرجاناً متكاملاً يتيح للناشرين تنمية مهاراتهم وخبراتهم، ويقرّب المؤلفين من القراء، ويكرّم المبدعين، ويجعل الكتاب محور اهتمام الأسرة بأكملها.
حزمة من الفرص
وعن تطور قطاع النشر في الإمارات عاماً بعد عام تقول الشيخة بدور القاسمي: معرض الشارقة الدولي للكتاب يمنح دور النشر فرصة الوصول إلى جمهور كبير، وبالتالي تسويق إصداراتها والوصول إلى أسواق إقليمية عديدة، كما يتيح للناشرين فرصاً لتبادل الخبرات وبيع وشراء الحقوق فيما بينهم، إلى جانب تكريم الإصدارات ودور النشر المميّزة من خلال ما يقدمه من جوائز سنوية للمؤلفين والناشرين والمترجمين. وأضافت: هذا العام تضمن المعرض حزمة من الفرص المفيدة للناشرين، والتي بدأت قبل انطلاقته من خلال الدورة التدريبية التي قدمها بالتعاون مع جامعة نيويورك لـ230 ناشراً عربياً، لتعريفهم بأفضل الممارسات العالمية المتبعة في قطاع النشر، وهناك النسخة الثانية عشرة من مؤتمر الناشرين الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب، وكذلك مؤتمر الناشرين العرب السادس.
وتابعت الشيخة بدور القاسمي: إذا أضفنا إلى ذلك توفير الأجنحة لعرض وبيع الكتب، ومنحة الترجمة التي يستفيد منها كل من المترجم والناشر والقارئ، والمشاركة في الفعاليات المختلفة، فإن الناشرين قادرون على الاستفادة من هذه الفرص لتطوير وتوسيع أعمالهم، ومواكبة أحدث مستجدات صناعتهم التي ما زال المستقبل أمامها مضيئاً ومشرقاً.
فضاء رحب للتواصل
وحول أهم مخرجات مؤتمر الناشرين، تقول الشيخة بدور القاسمي: أجمل ما في مؤتمر الناشرين هو أن يمنحنا فضاءً رحباً للتواصل مع زملائنا القادمين من أنحاء العالم كافة، كي نتعلّم من بعضنا بعضاً، ونعمل على مواجهة التحديات والاستفادة من الفرص معاً. هناك اختلاف في بيئات عمل الناشرين، ونوعيات واهتمامات القراء الذين يتوجهون إليهم، وكذلك القوانين والتشريعات، لكن يظل هناك شيء واحد يوحدنا بقوة هو الكتاب الذي ننتجه.
وأضافت: في نسخة هذا العام رأيت حماساً أكبر من الناشرين للتضامن فيما بينهم، وحرصاً متزايداً على تنمية وتطوير قدراتهم، واهتماماً لافتاً بالتنوع في شركاتهم ومؤسساتهم. هناك إيمان مشترك بقدرة صناعتنا على النمو والازدهار وهذا أمر يبعث فينا الكثير من التفاؤل للمساهمة في تنمية وتطور مجتمعاتنا ودولتنا من خلال الكتاب والعلم والمعرفة.