هويدا الحسن (العين)

بحضور الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، استضاف مجلس شما محمد للفكر والمعرفة، الكاتب سلطان العميمي، رئيس اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، مدير أكاديمية الشعر، في حوار ثقافي افتراضي حول الموروث الشعبي، هل انتهى أثره في حياة الطفل الإماراتي؟ أدارت الحـوار موزة القبيسي، المستشار الثقافي لرئيسة المجلس.
رحبت الشيخة الدكتورة شما بالكاتب سلطان العميمي، مقدمة له الشكر لحرصه على تلبية الدعوة، وافتتحت اللقاء بإلقاء الضوء على الموروث الشعبي لكونه جزءاً مهماً من بنية الهوية والثقافة الإماراتية.
وقالت: «الموروث ينتقل عبر الأجيال خلال الحقب الزمنية المختلفة، فيتراكم عليه المزيد من الخبرات، وتناله بعض التغيرات والتعديلات الحتمية التي تنبع من طبيعة الحياة وتغيرات المعطيات المختلفة». وأوضحت أن الموروث الشعبي الشفاهي ظل ذا أثر كبير في تشكيل بنية الطفل وشخصيته نتيجة التصاق الطفل بالأسر.
وأشارت إلى أنه قديماً كان الأطفال يتحلقون حول الجدود والآباء يستمعون للخراريف، إلا أن الحال تغير، فالتصاق الطفل بالأسرة قلَّ، وحلت شاشات الهواتف المحمولة مكان حلقات الحكايات التي كانت تجمعهم بالآباء والجدود، وصارت شبكات التواصل الاجتماعي وأفلام الكرتون هي الحكاؤون الجدد!
وأضافت: «كما أصبح هناك غياب شبه تام للأمثال الشعبية في حوارات الأمهات بالعصر الحديث، وكل هذا يجعلنا ندرك أن ثمة غياباً تدريجياً لوجود الموروث الشعبي بيوميات الطفل الإماراتي الآن».
وطرحت على سلطان العميمي تساؤلات للاستماع لرؤيته حول مسار الهوية الإماراتية وحول الرؤية المستقبلية، وهل ما زال للموروث الشعبي نفس الأثر الذي تأثر به جيلنا والأجيال التي قبلنا؟ وهل ذلك التراجع وصل إلى الحد الحرج؟ حيث إن أطفال اليوم هم آباء الغد، واليوم أثر الموروث الشعبي لم يعد كما كان، فهل سنصل إلى لحظة انزواء كامل للأثر بضعفه جيلاً وراء جيل؟
وتحدث سلطان العميمي مقدماً رؤيته حول تعريف التراث ومعنى الموروث وقيمه وأثره والحقب الزمنية التي مر بها، وأنه مجموعة من الموروثات التي تم نقلها من الجيل السابق (الآباء والأجداد) إلى الجيل الحالي، وتتعدد الموروثات ومن بينها التراث المحكي أو الشفاهي.
وأضاف العميمي أن أمهات اليوم والجدات تغير دورهن وضعف نتيجة تغير أنماط الحياة، ودخول ثقافات متعددة واقتحام التكنولوجيا البيوت. كما تحدث عن أثر حكايات الموروث الشعبي في تكوين شخصية الطفل ونظرته للحياة وعلاقته بالكائنات من حوله، وعن العلاقة بالبيئة والكائنات وبث الرسائل والقيم النبيلة التي تحملها الحكايات، والتي شكلت شخصيات الجيل الذي تربى عليها.
وأشار لأهمية دور المؤسسات الأكاديمية والمدارس والجمعيات في إحياء الموروث والحكايات الشعبية، وتخصيص الجوائز وإجراء الأبحاث والدراسات وجمع الموروث وحفظه، مؤكداً دور الأسرة في تحفيز الأبناء على البحث عن مفردات التراث من الكتب وشبكات الإنترنت، مؤكداً دور المناهج في إعادة الحكايات واللوحات الشعبية والأمثال وغيرها.
وشارك الحضور في الحوار، مشيدين بدور المؤسسات المسؤولة عن المشاركة في الحفاظ على هذا الموروث، وأهمها المدارس التي يجب أن تعمل على إعداد مناهج ذكية تراعي اختلاف البيئات بالدولة، ويتم عرضها بطريقة عصرية محببة للطلاب دون المساس بجماليات الحكاية أو تشويهها. كما قدموا الشكر لرئيسة المجلس لاختيار هذا الموضوع بالغ الأهمية لما له من أثر في الحفاظ على الموروث الشعـبي، وتعزيز الهوية الوطنية.