فاطمة عطفة (أبوظبي)

يمتاز الروائي علي أبو الريش بتجربة إبداعية رائدة في تاريخ الرواية الإماراتية، منطلقاً من ذاكرة إنسانية مشرقة ليحتضن وطنه بيئة وفضاء وتفاعلاً مع العالم، مزوداً بمعرفة عميقة في الفلسفة وعلم النفس. وفي ندوة «اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات» التي نظمها أول أمس، تحت عنوان «قراءة في تحولات علي أبو الريش»، أشار الكاتب والناشر محسن سليمان، خلال إدارته للندوة، إلى تجربة الكاتب الواسعة في القراءة والكتابة والتراكم المعرفي، قائلاً: إن الكاتب أبو الريش انطلق في كتابة الرواية منذ 1982 حيث أصدر أول رواية وهي «الاعتراف»، وقد اعتبرت من أهم 100 رواية عربية. واقترح سليمان أن تنظم الأمسيات الأدبية القادمة حواراً بين الأجيال ليتعرف الشباب على تجارب من سبقوهم من الأدباء.
وتحدث الروائي الكبير علي أبو الريش كاشفاً عن لمحات موجزة وغنية من تجربته الفكرية والإبداعية والإنسانية الواسعة، مشيراً إلى أن الرواية ابنة الخرافة، والخرافة برزت من صلب الفلسفة، وهي ليست حقيقة موضوعية ولكن بالتركيب. وقد استشهد الكاتب في معرض حديثه بعدد من فلاسفة الفكر والأدب في الغرب والشرق، موضحاً أن الغرض من الرواية ليس تقديم صورة موضوعية للعالم، وإنما فهم الإنسان لنفسه، وتقليل الصدام ما بين الطبيعة والثقافة.
وأضاف الروائي أبو الريش أننا نستخلص من هذه التعريفات ما يلي: هناك عاملان أساسيان في حياة البشرية هما الخوف والكراهية، والإنسان يلجأ إلى الرواية لتخفيف حدة القلق والتعويض عن نقص الحب. ولذلك نقول إن البشرية مرت بثورات كونية ضخمة وأهمها ثورة القوة العظمى التي تسمى الخيال، لأن الإنسان بدأ أساساً وهو يرى نفسه ضئيلاً في هذا الكون، ويرى نفسه بعيداً خائفاً من هذه الظواهر الكونية من زلازل وبراكين وعواصف وغيرها، فاتخذ من خياله وسيلة لمواجهة هذه الظواهر الطبيعية، ولذلك لجأ إلى الأرواح والأشباح!
وتطرق الكاتب إلى الفلسفة الشرقية التي تقول إنه يجب أن يخرج العقل من العقل وينشغل بالحقيقة، والتركيز على التأمل وتنقية الفكر من الشوائب، لافتاً إلى أن كتابة الرواية ليست مسألة ترف، وإنما هي إثبات وجود وهي أساساً حياة، وبرلمان مفتوح أمام هذا العالم الشاسع، وهناك ثراء وعوامل ملحة في حياة الإنسان وخاصة بشأن الرواية، ومنها العقل والتضامن والحب، لأن الروائي أساساً يتجه إلى الإنسان، ويجب علينا أن نفهم هذه الصورة البشرية التي هي أمامنا.
وتابع أبو الريش حديثه، مشيراً إلى أن عدد الكتاب كبير في الإمارات، وهو يرى أن هذه ظاهرة إيجابية قائلاً: على الجميع أن يدخل ويكتب ويجرب ولن يبقى إلا الصحيح، الإنسان يملك قوى سحرية حتى قيل «المعرفة قوة»، وكل إنسان يمتلك موهبة عليه أن يمسك القلم ليعبر عما في نفسه. واختتمت الأمسية بحوار بين الروائي علي أبو الريش والحضور.