سعد عبد الراضي (أبوظبي)

شهد اليوم الأخير للقمة الثقافية أبوظبي 2022 زخماً في الفعاليات والعروض الأدائية والفنية، وبحضور معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب، ألقى عمر سيف غباش، مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون الثقافية والدبلوماسية، الكلمة الافتتاحية، ثم انطلقت بعدها سلسلة من من الفعاليات والنقاشات البارزة، شملت جلسة تناولت الثقافة وتغير المناخ.

وبحثت الجلسة التي أدارها إرنستو أتون راميريز، مساعد المدير العام للثقافة في اليونسكو، الخطوات التي يمكن أن يتبعها الفنانون والمعماريون وصناع السياسات في القطاع الثقافي للوصول إلى حلول تدعم الاستدامة.
وخلال الجلسة قالت المهندسة المعمارية سمية فالي، الشريك المؤسس لشركة الأبحاث التجريبية والهندسة المعمارية ومقرها جوهانسبرغ «نحن بحاجة لأن نرى الفنانين والمثقفين على رأس المؤسسات، كما أننا بحاجة إلى إشراك الأفراد الذين يفكرون على نحو مختلف وأصحاب الأفكار الخلاقة، لنتمكن من قلب الهرم عوضاً عن إبعادهم وجعلهم على الطرف الآخر، يجب أن نكون في مقدمة صناع التغيير».

بيت العائلة الإبراهيمية
وفي فعالية مميزة أخرى، ألقى المهندس المعماري العالمي المعروف السير ديفيد أدجاي كلمة خلال مشاركته في القمة، تناول فيها مشروع بيت العائلة الإبراهيمية، بوصفه المصمم المعماري لهذا المشروع في أبوظبي الذي يجمع ثلاث دور للعبادة تمثل الديانات الإبراهيمية الثلاث، حيث أعطى مزيداً من التفاصيل عن المشروع، واصفاً إياه بأنه من نوعية المشاريع التي تحدث مرة واحدة في كل جيل.
وقال السير ديفيد أدجاي: «الأديان بطبيعة الحال تتطلع إلى التعبير عن هويتها، لذا تقوم بتصميم بناء يرمز لها ويعبر عنها لينتشر بعد ذلك عبر التاريخ ويصبح نمطاً وأسلوباً. لكن في هذه اللحظة يُطلب فيها عكس ذلك. فكيف يمكنك الآن الحديث عن السمات والقواسم المشتركة التي تجمع بين الأديان؟ وكيف تصوغها وتضعها في قالب جديد؟».
وأكد أدجاي في كلمته أهمية وجود الحدائق والضوء في مجال الهندسة المعمارية، وكيف يمكن للمهندس المعماري أن يخلق المساحة التي توحد الماضي، وتتطلع إلى المستقبل. وأضاف: «هذا المشروع يتعلق باحترام وتوقير الديانات الثلاث وتاريخها وثقافاتها وتطوراتها وإعطائها المكانة التي تستحقها».

الإبداع والتحول الاجتماعي
كما تحدثت إيريكا موهل، رئيسة بيركلي، في جلسة أخرى عن الإبداع وأهميته بالنسبة للواجب الجماعي تجاه التحول الاجتماعي. وقالت في كلمتها: «الالتزام الذي تظهره أبوظبي ودائرة الثقافة والسياحة تجاه بناء مستقبل مستدام في الفنون والثقافة هو أهم أنواع الاستثمار التي يحتاجها العالم اليوم». 
وخلال اليوم الثالث، قدم مجموعة من الفنانين المميّزين حول العالم من مجالات ثقافية متنوّعة، أعمالاً لفتت أنظار الحضور وحرّكت فضولهم بما تحويه من التشكيلات التذكارية الغنية بالثقافة والتراث.

عرض مبهر لفن «الأهلة»
وقدمت فرقة العتيبة للفنون الشعبية والتراث عرضاً أدائياً عن فن الأهلة، وهو من الفنون الشعبية الإماراتية الأصيلة التي لها مكانتها العالية في وجدان الناس، ويعكس هذا الفن حياة الأجداد وأفراحهم ومناسباتهم الاجتماعية، مثلما يكشف بعضها عن مواهب وإبداعات كانت سائدة لدى كثير منهم، لأن الفنون بما فيها من غناء وأداء حركي تتطلب توافر القدرات والبراعة في مؤديها. ومن هنا يبرز فن «الأهلة» أو كما كان يسمى قديماً «الهاهله» كأحد أبرز الفنون الخاصة بالإمارات دون سائر دول المنطقة، ويؤدى بكثرة في مناطق البادية أو المناطق القريبة منها. ولأن ثمة ملامح مشتركة بين هذا الفن الجميل و«العيالة»، غالباً ما يكون راقصو هذا الفن هم أنفسهم من يؤدون «العيالة».
والمعروف أن فن الأهلة يتطلب من المؤدي أن يكون لديه مخزون من الشعر الشعبي الوجداني، حيث يجلس بعض من أعضاء الفرقة في دائرة صغيرة، ويلقي كل مؤدٍّ منهم قصيدته، وبعد كل بيت يقوم بقية أعضاء الفرقة بالرد عليه بقولهم «أهلة» بمدّ اللام فتنطق «أهلاه» ولهذا أطلق عليه الأهلة والهاهله.
ومن خصائص هذا الفن أن أداءه لا تصاحبه أي آلة موسيقية فهو ليس غناءً، بل مجرد إلقاء قصائد ملحّنة تلقائياً في صورة ردود شعرية تتألق فيها قصائد «الغزل» ذلك الغرض الذي يعتبر من أهم الأغراض التي يتناولها شاعر فن الأهلة، حيث يقوم بتصوير المعاناة التي يلقاها ويكابدها المحب في سبيل حبه بأسلوبه الخاص.

شركاء عالميون
تنظم دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي القمة الثقافية بالتعاون مع شركاء عالميين في مجالات تتنوع بين الثقافة والفنون إلى الإعلام والتكنولوجيا. وتتضمن هذه الشراكات مؤسسات مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وإيكونومست إمباكت، وغوغل، ومتحف التصميم في لندن، ومتحف ومؤسسة سولومون آر جوجنهايم، وأكاديمية التسجيل. ومن شركاء الفعالية الآخرين إيمج نيشن أبوظبي، ولجنة أبوظبي للأفلام، وساندستورم كوميكس، والمجمّع الثقافي، ومتحف اللوفر أبوظبي، وبيركلي أبوظبي، والمورد الثقافي، والصندوق العربي للثقافة والفنون، والمعهد الفرنسي.