لكبيرة التونسي (أبوظبي)

في الوقت الذي يبدي فيه بعض الشباب انجذاباً نحو الأخبار السريعة والمحتوى الترفيهي وما تتناقله وسائل التكنولوجيا، أكدت القمة الثقافية أبوظبي 2022 أن كثيرين من هذه الشريحة متعطشون للمعرفة العميقة والكلمة الرصينة والفكر المتجدد والأفكار الإبداعية، حيث جذبت شباباً من مختلف الأعمار والمستويات والفئات ليكونوا في قلب الحدث كسفراء للثقافة والفكر، وليكتسبوا خبرات ومهارات مفيدة في المستقبل.
وقال سالم الحيرة طالب الصف الـ 13 من أكاديمية الياسمينة، إنه طالما ظل يحرص على حضور أغلب الفعاليات الثقافية والإبداعية ذات الصلة، مؤكداً أن أبوظبي تعد منارة ثقافية بامتياز، ولا شك أن هذه التظاهرة الثقافية الضخمة، تعتبر فرصة كبيرة لجميع المهتمين بالإبداع بشكل عام، ولاسيما أنها جمعت نخبة كبيرة من مختلف المجالات الإبداعية تحت سقف واحد، لافتاً إلى أنه حضر أغلب الندوات والمحاضرات المنعقدة في القمة، منوهاً بأنه التقى الكثير من المثقفين وناقش معهم العديد من القضايا.

وفي ذات السياق أكد أيضاً أن مثل هذه الملتقيات تغذي معارفه وتعمقها وتكسبه مهارات عدة، موضحاً أنه يهتم بالاستدامة ضمن مدرسته، ومتطوع وناشط بيئي، وقال: «ابتكرنا ضمن نادي المدرسة نظاماً زراعياً من دون ماء، ومن دون أشعة الشمس ونجحت التجربة، وأنتجنا بعض المنتجات الصالحة للأكل، كما أقمنا عدة مبادرات خاصة بترشيد الكهرباء».
وأشار سالم الحيرة الذي يطمح لأن يكون دبلوماسياً، إلى أنه تعلم من القمة الشيء الكثير على الصعيد الشخصي، حيث ربط علاقات مع العديد من زوار القمة وضيوفها، مما فتح له قنوات وآفاقاً عدة نحو المستقبل، موضحاً أنها قمة حافلة بالشخصيات الثقافية المرموقة التي يصعب جمعها في مكان آخر، وأضاف: «تعلمت كيف يمكن أن نستثمر قوة الثقافة في تسليط الضوء على تحديات تواجه القطاعات الأخرى كالاستدامة والتغير المناخي».

الذكاء الاصطناعي والثقافة
ولطالما تساءلت اليازية طارق، الصف الـ 13 بأكاديمية الياسمينة، سفيرة وسائل التسويق والاتصال بمدرستها، عن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والثقافة، وهذا ما وجدت له الإجابة في القمة الثقافية أبوظبي 2022، التي شكلت منصة لالتقاء الثقافات واعتبرتها فرصة لربط علاقات مع مختلف المثقفين والحاضرين، سواء من داخل الدولة أو من خارجها، ولاسيما أنها جمعت نخبة من المفكرين والمبدعين، مؤكدة أنها حرصت على حضور جميع الورش والمحاضرات، مشيدة بالحوارات والأنشطة الثرية التي قدّمتها القمة، ومن المحاضرات التي أثرت معرفتها: «الذكاء الاصطناعي ومستقبل الثقافة» التي تحدث فيها الحاضرون عن دور وأهمية الذكاء الاصطناعي في حياتنا حالياً.
وأجمعوا على أن السباق الآن على أشده، وأن التطور الذي يشهده العالم في الذكاء الاصطناعي فاق الحد، حيث أكدوا أنه قبل عشرين عاماً لم يكن يتوقع أو يتخيل أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يصل بنا إلى مثل الروبوت فائق الذكاء. والواقع حالياً يشهد إنجازات متلاحقة في هذا المجال، ودار نقاش حول التقنيات الجديدة المُشكّلة لمستقبلنا، وأن الفن الجيد هو فن يحمل معاني عميقة، فالفن هو أكثر من مجرد رسم شيء ما، إنه تعبير عن الأشياء بطريقة متفهمة ومتعاطفة.
ومن جهة أخرى، أشارت طارق إلى أن القمة ساعدتها على فهم ما ترغب في إيصاله للآخر ووفرت لها بيئة خصبة للتواصل والمعرفة، وأضافت: «ومن اهتماماتي أيضاً إيصال الفكرة للناس والتعبير عن طريق الفن، وأتطوع في الأنشطة المجتمعية وأشارك في مختلف الفعاليات ذات الصلة. ولأني أخطط لأن أكون دبلوماسية، فإن القمة جعلتني أدرك معنى مجالسة ومحاورة مختلف الناس من مختلف الجنسيات». 

منصة عالمية
البيئة والوسط يلعبان دوراً مهماً في بلورة فكر الشباب، هذا ما ذهبت إليه الطالبة يمنى النكيتي، الصف الـ 11 في مدرسة كرانلي أبوظبي، التي أوضحت أن مثل هذه الفعاليات الكبيرة والغنية بالمتحدثين وبالمحتوى القيم، تعتبر مكملة لما نتعلمه في المدرسة، لافتة إلى أنها فخورة بتواجد مدرستها في منارة السعديات التي تعتبر منصة عالمية للثقافة، وأضافت: وجودنا اليوم في القمة الثقافية أبوظبي 2022 يعد فرصة عظيمة للمهتمين والطلاب من مختلف المستويات للاحتكاك مع مثل هذه القامات وربط جسور التواصل معهم، وهي تجربة نستلهم منها الشيء الكثير وتختصر علينا الطريق في معرفة العديد من الأمور الثقافية وتفتح لنا آفاقاً كبيرة، وقد استفدنا في مجال التصميم والفنون، وأخطط لأن أكون مهندسة ميكانيكا واستفدت على المستوى الشخصي، كيف أن الفن يخدم مجالي.

قمة إنسانية
إن الدول تراهن على الثقافة، من أجل تحقيق السلام والتعايش والتنمية أيضاً، هذا ما أكدته عائشة الزعابي، من نادي التسامح في كلية التقنية العليا أبوظبي، موضحة أن مثل هذه الفعاليات تكرس قيم التسامح والحوار وتقبل الآخر، حيث تشكل جسراً إنسانياً وثقافياً، وتفتح نوافذ على العالم الفسيح، مؤكدة أنها استفادت من مختلف المحاضرات القيمة، واستلهمت من الحضور، ولاسيما أن القمة توفر مناخاً صحيّاً لتجاذب أطراف الحديث مع مختلف الحاضرين، سواء كانوا ضيوفاً أو حضوراً أو مهتمين بالشأن الثقافي.

أسلوب حياة
بدورها، نجلاء محمد الشريف من نادي التسامح في كلية التقنية العليا، ترى أن أرض الإمارات تجسد معاني السلام والتسامح، وتحتضن أكثر من 200 جنسية على أرضها، مما يعكس ذلك التجانس والتمازج الإيجابي، وهي أرض متفردة وخصبة، موضحة أنها استفادت من القمة التي جمعت نخبة من المثقفين والمبدعين والمفكرين على الصعيد الإنساني والعلمي والثقافي، وأضافت: «حرصت على حضور أغلب المحاضرات، وقد استفدت من مواضيعها العميقة والمتنوعة وشعرت بأنني فعلاً محظوظة بكوني جزءاً من هذا الحدث الثقافي والإنساني والإبداعي الكبير».