الشارقة (الاتحاد)
صدر العدد الثاني من مجلة «مجمع اللغة العربية بالشارقة»، محتفياً بكتابات كوكبة من علماء اللغة العربية والبلاغة والأدب والشعراء المبدعين الذين أثروا المكتبة العربية بمصنفاتهم، وكانت لهم مناهجهم العلمية التي حققت أثراً ملموساً في حركة التأليف العربية.
وقدّم العدد الجديد من المجلة مقالات لنخبة من الكتاب والأكاديميين حول جهود البحث المعجمي والتحديات التي تعترضه، ونبذاً من التاريخ المعرفي للمكتبات العالمية، ومقتطفات من روائع الشعر العربي، وقضايا معرفية في اللغة والأدب والبلاغة القرآنية.
واستهل الدكتور امحمد صافي المستغانمي موضوعات العدد بمقالة افتتاحية حملت عنوان «فصاحة المثقّف وثقافة الفصيح»، أطلّ من خلالها على كتاب «كنز الرواة المجموع من درر المجاز ويواقيت المسموع» للثعالبي، وتناول روعة تأليف الثعالبي لكتابه الذي جمع فيه جملة الكتب التي قرأها على شيوخه، ونوّه فيه بأسلوب كتابته الفريدة وبلاغة جمله وكلماته.
وأشار المستغانمي إلى وفاء الثعالبي لشيوخه في هذا الكتاب، حيث يترجم لهم باحترام وتوقير، ويذكر شمائلهم وصفاتهم الطيبة، ومآثرهم الحميدة، وينوه بانقطاعهم للعلم وانشغالهم بالتعليم، مشيداً بالموسوعية التي تميز بها الثعالبي، أسوة بعلماء العرب السابقين، حيث كان له باع كبير في علوم اللغة والأدب والبلاغة والتفسير والحديث والفقه وأصوله، وغيرها من علوم الأصول والفروع.
وضمن توثيقه وبحثه حول دور «مكتبة الأسكوريال» في «حفظ كتب التراث العربي» كتب إبراهيم شعبان مصطفى حول تاريخ المكتبة الإسبانية، وتميزها باحتوائها مجموعة ضخمة من أنفس كتب التراث العربي التي تبحث في شتى علوم المعرفة، وقصتها المثيرة مع المخطوطات الإسلامية القابعة في خزائنها.
واستعرضت المجلة في عددها الجديد أبرز جهود المجمع ومشاركاته في المؤتمرات والملتقيات المحلية والدولية، إضافة إلى استضافته رئيس مجلس اللغة العربية في دمشق، ضمن فعاليات «المجلس اللغوي»، وسلطت الضوء على جهود الشارقة في إنجاز مشروع «المعجم التاريخي للغة العربية».
أثر التصحيف
من وحي المعجم التاريخي، كتب رفيق سربيس مادة علمية حول «أثر التصحيف في التأريخ المعجمي»، سلط فيها الضوء على ضرورة أن يتأكد العاملون في التاريخ المعجمي من الكلمات الغريبة وزناً ومعنى، فلا يؤرَّخ لها إلا بعد التحقق ومراجعة أهل الاختصاص.
وفي باب «لغويات»، طاف الدكتور محمود كحيلة على موضوع «إعجاز البيان في دراما القرآن»، حيث ذكر عدداً من مظاهر عبقرية اللغة العربية، في إمكانية الوصول إلى المعاني المرجوة بأقل الكلمات، لضمان تحقيق إيقاع سريع لما يصاغ من حوار، مستشهداً بنماذج من آيات القرآن الكريم.
وفي مقال خاص بالمجلة، كتب الدكتور صالح بلعيد، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، حول «العربية بين الماضي المغدق والحاضر المقلق»، حيث أكد أن العربية، وعلى الرغم من كونها لغة نامية ومتطورة ولها مميزات تمكِّنها من استقبال مستحدثات الحضارة التقنية والإيفاء بمتطلباتها، إلا أنها تحتاج إلى الإدارة الفاعلة واستثمار التراث العربي والاستعانة والتفاعل مع معطيات الفكر الحضاري المعاصر.
جدلية الروائي واللغة
وفي الأدب والنقد، ارتحلت مجلة «المجمع» مع «جدلية العلاقة بين الروائي واللغة» للباحث خلف أبو زيد، والتي تناول من خلالها «لغة الفن الروائي عند نجيب محفوظ نموذجاً»، الذي يصفه بأنه رائد الرواية العربية، الذي بسط اللغة وطوَّعها للعامة، وقرَّبها من الوجدان الشعبي، دون أن يلتفت إلى الإغراءات التي حاولت أن تدفعه إلى الكتابة بالعامية.
وفي «الأدب والنقد» أيضاً، كتب الدكتور هاني حجاج مقالة حول «شيطان الكتابة وألاعيبه»، طوّفَ فيها على عدد من كبار الكتاب في العالم، ودوّن عاداتهم وطقوسهم في الكتابة، في حديث ماتع تجوّل فيه مع المتنبي حينما كان ينظم شعره وهو يمشي، وجرير عندما يشعل سراجه ويعتزل الجميع، إلى العقاد عندما يبتعد عن الضوضاء.
كما قدم العدد الثاني من مجلة مجمع اللغة العربية بالشارقة، سلسلة من المقالات والأبحاث منها: «عقود الغرب في معارضة لامية العرب»، للدكتور عبدالعزيز الحربي، رئيس مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية، و«محنة القلق في شعر باسم عباس»، للدكتورة نورا مرعي، و«نصوص الرحلات الأندلسية من مصادر المعجم التاريخي»، للكتاني حميد، وقصائد«وَحَيِّ الوفاء» للدكتور عاصم مفلح، و«زمردة لتعب العالم»، لعبد الحميد حسن.