ستوكهولم (أ ف ب) 
توّجت جائزة نوبل للآداب الخميس، 6 أكتوبر، مسيرة الروائية الفرنسية أنّي إرنو، و«شجاعة» مؤلفاتها المستمدة من سيرتها الذاتية والتي جعلت منها وجهاً نسوياً بارزاً في المشهد الأدبي الفرنسي والعالمي.
وعللت لجنة نوبل اختيارها إرنو، البالغة 82 عاماً، بما أظهرته من «شجاعة ومقدرة ثاقبة على الملاحظة» في «اكتشاف الجذور والبُعد والخلفيات الجماعية للذاكرة الشخصية».
وباتت إرنو المرأة السابعة عشرة التي تحصل على هذه الجائزة الأدبية المرموقة، من أصل ما مجموعه 119 فائزاً بفئة الآداب منذ منح جائزة نوبل الأولى عام 1901. وكذلك أصبحت الفائز الفرنسي السادس عشر في تاريح نوبل، بعد ثماني سنوات من حصول باتريك موديانو عليها.
وأضحت إرنو أيضاً أول امرأة فرنسية تنال جائزة نوبل للآداب، بعدما كان جميع مواطنيها الذين سبقوها إلى تحقيق هذا من الرجال، ومنهم أناتول فرانس وألبير كامو وجان بول سارتر الذي امتنع عن تسلّمها.
وفي تصريح أدلت به إرنو للتلفزيون السويدي، وصفت فوزها بالجائزة بأنه «شرف كبير» وفي الوقت نفسه «مسؤولية كبيرة» أُسندت لها.

مفاجأة الفوز
ومع أن سلاسة أسلوب إرنو النثري جعلت الأوساط الأدبية تعتبرها منذ زمن طويل من بين الأوفر حظاً لنيل نوبل الآداب، فقد أكدت الكاتبة نفسها بأن فوزها كان بمثابة «مفاجأة» كبيرة بالنسبة لها.
ولاحظ عضو الأكاديمية السويدية التي تمنح الجائزة أندرس أولسون أن أعمال الروائية الفائزة «مكتوبة بلغة بسيطة ونظيفة».
وأشار إلى «تسليطها الضوء بشجاعة ومقدرة ثاقبة على الملاحظة (...) على تناقضات التجربة الاجتماعية، وتناولها مفاهيم العار والإذلال والغيرة وعدم قدرة الإنسان على أن يرى من هو فعلياً»، مؤكداً أن كل هذا «يستحق الإعجاب».
وإذ أشارت الأكاديمية السويدية إلى أنّ لإرنو «أسلوباً أدبياً مرحاً»، ذكّرت أيضاً أن الكاتبة تعتبر نفسها مدونة لسيرتها الذاتية أكثر من كونها «كاتبة روائية». وقد أثار أسلوب إرنو السهل والواقعي والخالي من أي مبالغات إنشائية الكثير من الاهتمام والتحليل.
وتسرد إرنو في أعمالها، جوانب من قصتها الخاصة، ومن تجربتها الشخصية، لتكتب على نحو إنساني عام.
وتعرّف إرنو نفسها بالقول إنها «مجرّد امرأة تكتب». ومن خلال أعمالها المستوحاة بصورة أساسية من حياتها، كوّنت صورة دقيقة لمشاعر المرأة التي تطورت مع اضطرابات المجتمع الفرنسي منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

  • أني إرنو

قضايا الطبقة والعاطفة
وصدر لإرنو، أستاذة الأدب في جامعة سيرجي بونتواز، نحو 20 قصة تناولت فيها تأثير الهيمنة الطبقية والعاطفة، وهما موضوعان طبعا مسار حياتها كامرأة عانت تبعات انتمائها إلى أصولها الشعبية.
ومن أبرز أعمال آني إرنو «الخزائن الفارغة» عام 1974، «والمكان» (1982) «والسنون» (2008) وأخيراً «ذكريات حياة» (2018). وصدر كتابها الأخير «الشاب» في مطلع شهر  مايو عن دار «غاليمار» التي درجت على نشر كتبها.

إشادة رسمية
وقد أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمنح جائزة نوبل لآني إيرنو مشيراً إلى أنها «تكتب، منذ 50 عاماً، سردية الذاكرة الجماعية لبلدنا». 
وأعرب الرئيس الفرنسي عن سعادته بحصول إرنو على نوبل، ورأى أنها ظلت تمثل «صوت (...) حرية النساء ومنسيي القرن».

احتواء النقد
وكانت الأوساط الأدبية تترقب اسم الفائز بجائزة نوبل الآداب هذه السنة، لمعرفة هل سيكون أحد الكتّاب الكبار، أم اسماً يشكّل اكتشافاً، ولم يستبعد البعض مفاجأة من المنظمين الميّالين إلى إبراز المؤلفين المغمورين.والأكاديمية اليوم في طور التعافي من أزمة طويلة بعد فضيحة شهدتها عام 2017-2018، والضجة التي أثارها في العام التالي منح جائزة نوبل للكاتب النمساوي بيتر هاندكه الذي اتخذ مواقف مؤيدة للرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش.
كما ظلت الأكاديمية تُنتقد لاختيارها فائزين رجالاً وأوروبيين تحديداً في معظمهم، ولذلك، وربما لاحتواء النقد، منحت الجائزة في العامين الأخيرين للشاعرة الأميركية لويز غلوك وللروائي البريطاني من أصل تنزاني عبد الرزاق قرنح الذي تركز أعماله على محنة اللاجئين وقضايا الاستعمار والعنصرية.
وتؤكد لجنة نوبل باستمرار أن جائزتها ليست سياسية ولا تخضع لقواعد المحاصصة أو التنوع العرقي، وأن المعيار الوحيد هو جودة الأسلوب واللغة والعمل ككل.
ويعلن الجمعة اسم الفائز بجائزة نوبل للسلام، وهي الوحيدة التي تُمنح في أوسلو. ويختتم الموسم الاثنين بجائزة نوبل للاقتصاد التي أضيفت عام 1969 إلى الجوائز الخمس التقليدية التي طلب ألفرد نوبل في وصيته منحها.