نوف الموسى (دبي) «المساحة لن تلزمنا في المستقبل، جّل ما نسعى إلى تطويره، هو شكل الخدمة الثقافية ومساراتها المتعددة في الفضاءات الفنية، خاصةً تعزيز التواصل مع الفنانين، والذي نعمل عليه وبشكل منهجي من خلال مؤسسة السركال للفنون، والتي تُعنى ببرنامج الإقامات الفنية، كإحدى أبرز الخطوات المعرفية والبحثية نحو تعميق التجربة الفنية بين الفنان والمكان»، تأكيد أشار إليه عبد المنعم بن عيسى السركال، مؤسس «السركال آفنيو»، في الأمسية الافتتاحية لفعالية «السركال ليتس»، التي تعكس بدورها جانباً من التحولات في المجتمع الإبداعي بمدينة دبي، لفتت حول ذلك فيلما جوركوت، المدير التنفيذي لـ «السركال إينيشاتفز»، مقدمةً دعوة للفنانين الجدد والمجتمع الفني والإعلامي، لإعادة اكتشاف المشروع الثقافي في «السركال آفنيو» عبر بناء محور المجتمعات التفاعلية مع عوالم الفنون. في إجابتها عن سؤال «الاتحاد»، عن التوازنات بين البعد التجاري المنصب بتجاه الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الإبداعي، وبين الفعل الثقافي وتحدياته على الأرض، من خلال الغاليرهات والفنانين الناشئة، إلى جانب التنوع المذهل للفنانين العالمين، الذين يحضرون بشكل فعلي بلوحاتهم وأعمالهم التركيبية ومفاهيم الجديدة، قالت فيلما جوركوت: إن الجانبين يشكلان دعائم رئيسية لاستكمال دائرة استدامة الفعل الإبداعي، والذي بطبيعة الحال يتضمن الجمهور والفنان كونهما جوهر السياق العام، لأي منصة ثقافية وإبداعية، وأنه في «السركال آفنيو»، إضافة إلى مشروع حي القوز للفنون، يشكل مجال الفنون مصدراً رئيسياً للدخل بالنسبة للفنانين، وهو ما يعد مؤشراً مهماً، وهدفاً أساسياً، لمرحلة متقدمة من إثراء شبكة التواصل والتعاونات في المنصات الإبداعية والفنية.
المشاركة المجتمعية اللافت في الجولات الخارجية والداخلية لفعالية «السركال ليتس»، هي طبيعة الأعمال الفنية المشاركة، في أنها ذات طابع عام، أيّ تحمل معنى المشاركة المجتمعية، فجميعها بطريقة ما، تود مجاوزة حدود الغاليرهات الخاصة، إلى مساحات الفضاء العام، ورغم أن الفنانة الإماراتية عزة القبيسي، إحدى المشاركات في الفعالية، ترى أن الحجم في أعمالها مهما بدا صغيراً أو كبيراً، فإنه في مخيلتها ينتفي لحس المقاييس والحجم، ولكنها تبقى بحسب ما أوضحت سؤالاً يطرحه المتلقي عليها، لماذا الانتقال من المجوهرات التفصيلية إلى المنحوتات الفنية الكبيرة، الذي تراه بمثابة تحدي تضعه أمام المتلقي، لإدراك أن ما تفعله بالمادة في تصميم المجوهرات هو فعل فني، وتوسيع نطاق اشتغالاتها من خلال المنحوتات، باستخدام عمليات مزج للمواد المتعددة، إنما محاولة لإحداث المعنى لدى المتلقي في أن الإبداع قيمته ليست في المادة بشكل مباشر، بل في الكيفية التي تجلى عبرها إبداع الفنان وتفرده، لذلك قررت الفنانة عزة القبيسي، أن نلمس المنحوتات، أن نجعلها ترتدينا، مثلنا نقرر نحن ارتداء المجوهرات، وقد تكون هذه طريقتها بحسب تعبيرها في جعل مفاهيم عفوية الطفولة، لا نهائية وذات أفق واسع، وتنعكس بظلالها على احتمالات جديدة في واقع حياتنا اليومية.
النص والمشهدية المعرض الفني «الخط الثالث» في «السركال آفنيو»، قدم المعرض الفردي للفنان المصري يوسف نبيل، من يعيش ويعمل بين باريس وهارلم، حيث يقدم مجموعة منتقاة من الأعمال الحديثة، بما في ذلك صور المناظر الطبيعية السينمائية والصور الذاتية الخيالية، تحت عنوان «The Beautiful Voyage»، لاقى الفيديو التسجيلي، الذي احتفى بصوت والدته، المُلهم نحو ذاكرة المكان، إعجاب زوار فعالية «السركال ليتس»، حيث يحضر الحس الهادئ والشاعري بين النص والمشهدية الطبيعية في الفيديو، مشكلاً حالة من التأمل الأبدي، المرتبطة بحس إنساني مشترك، يظهر فيه صوت والدة الفنان وكأنها تُخبره أنه لم ولن يغادر مصر في حياته، هو يعود إليها بشكل ما في كل لحظة، هو امتداد لها في مكان ما.