هزاع أبوالريش (أبوظبي)
للمثقف حضوره في المشهد الوطني، ما يجعله قادراً على تحليل الرؤى من منظور يستند إلى وعيٍ معرفيٍ، وثقافة ملهمة لنقل جهود القيادة الرشيدة، والرؤية الوطنية إلى الآخرين بصورة تلامس الأفكار، وتنغمس في عمق المشاعر لترسخ معايير وضوح المعنى وشفافية المضمون. إيماناً بأن نهوض الدول وتطورها وتقدمها لا يأتي إلا بحضور مثقفيها الذين يقودون بوصلة الوطن باتجاه غدٍ مليء بالتطلعات المشرقة.
للمثقف وعيّه ودرايته بالتوجهات الوطنية، الأمر الذي يجعله قادراً على إدارة دفة الوطن نحو شواطئ الإبداع التي ترسخ مكانته عالمياً.
وأكد سيف الجابري، رئيس اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب، أن الوطن بوصلة الجهود المبذولة من القيادة والشعب والذي يعزز دور المواطن والمقيم في خدمة الوطن والمحافظة على خيراته، مضيفاً: «هذا التوجه الشامل يحتم على المثقف أن يستثمر ثقافته في تعزيز جهود القيادة ورؤيتها الشمولية في خدمة الاتحاد ومؤسساته الرسمية».
وتابع: علينا مسؤولية العطاء كمثقفين لنكون قدوة لرؤية القيادة وجهودها لخدمة المجتمع، ويعود ذلك لما للمثقف من فكر نيّر وأسلوب واع بقضايا وطنه ليدافع عن مكتسبات الوطن بقلم مثقف يراعي الأمور من حوله ويتفهم عقول الناس، مؤكداً أن إدارة الوطن سنة اجتماعية، وفرض كوني، وفي حاجة إلى ثقافة واعية تخدم قيادتها وشعبها بعين بصيرة وقلب واعٍ.
وأشار الكاتب سعيد البادي، إلى أن الثقافة والمثقف بشكل خاص لهما أهمية كبيرة لدى القيادة الرشيدة، نظراً لدورهما الكبير كقوة ناعمة تساهم في تعزيز جهود القيادة وتحقيق رؤية الوطن، مضيفاً: «على المثقف الاضطلاع بدور أكبر في إطار تكاملي مع المؤسسات الثقافية الرسمية لإنتاج مشروع ثقافي نوعي يحقق ما نصبو إليه».
وأضاف البادي، دولة الإمارات أصبحت نموذجاً متميزاً عالمياً على صعيد الفكر والدبلوماسية والثقافة والتنمية المجتمعية، مؤكداً أن ذلك لم يكن ليحدث لولا دعم قادتنا الذين قدموا كل الإمكانات لدعم الإبداع وأهله في الدولة، حتى أصبحت الإمارات واحة فكرية عالمية.
واعتبر أن المثقف الإماراتي عليه مسؤولية للعمل بجهد أكبر نحو تعزيز ارتباط أبناء الدولة بهويتهم وبقيمهم وثقافتهم العربية.
وقالت فاطمة الدربي، خبير دولي للتسامح واستشراف المستقبل، إن للمثقفين دور ريادي في عملية بناء مجتمع متماسك، عادل، راقٍ، متطور يسوده الأمن والمحبة، موضحة أن دور المثقفين يكمن في توعية أفراد المجتمع، ونشر الروح الوطنية والإنسانية والمساعدة في نمائه، مع الاهتمام بفئة الشباب ورعايتهم وجعلهم طرفاً فعالاً في عملية التنمية الشاملة، ونقل الصورة الحقيقية لمعنى الوطن، ليكون مفهوم الوطنية محوراً جوهرياً نلتقي عليه، وتذوب فوقه كل الفوارق. وأضافت أن المثقف يلعب دوراً محورياً في تعزيز جهود القيادة ورؤية الوطن، ما يتطلب تعاوناً بين المثقف والمؤسسات الثقافية بالدولة، لأن جهد المثقف كفرد لا ينهض إلا في ظل المؤسسة التي تكفل له الإمكانات المادية والمعنوية لوصول رسالته، وعلى كل مثقف العمل على تعزيز هذه الثقافة ونشرها بما يواكب رؤية دولة الإمارات وقيادته الرشيدة.
وتابعت الدربي: حظيت الثقافة في الإمارات بدعم حكومي مادي ومعنوي، ما أهلها لتحقيق مكانة مهمة على الساحة العربية، إلا أنني أؤكد تعزيز دورنا في الساحة الثقافية العربية والعالمية مستقبلاً على ضرورة تبني برامج مشروعات عمل ثقافي تتكامل فيه جهود كامل مؤسساتنا المحلية والاتحادية الرسمية والمدنية لصوغ وإنتاج مشروع ثقافي رائد يجعلنا نحقق ما نصبو إليه على هذا الصعيد بجدارة، موضحة أن الثقافة الوطنية تمثل أحد أهم مفاصل التنمية والنهضة والتطور والتقدم لمجتمع الإمارات، ومن خلالها تستطيع الدولة تحقيق حضورها الفاعل والحقيقي في الساحة الدولية وفي مختلف ميادين التنمية.
وقالت الكاتبة صفية الشحي: «المثقف الملتزم برؤية وطنه هو أحد أكثر العناصر المؤثرة في توجهات أي مجتمع وحماية مكتسباته، وخاصة وأنه مع المتغيرات السريعة يولد نوع من الضبابية في كثير من القضايا الجوهرية في حياة الفرد»، مضيفة: «يتحتم علينا اليوم إعادة إنتاج تصور لمفهوم الثقافة ودور المثقف، فما نحتاجه اليوم هو «المثقف المستقبلي» الذي يجمع بين الوعي والكفاءة ولا يتوان عن الحضور في الطليعة لتعزيز الرؤى القيادية ودعم استراتيجياتها المستقبلية بعيداً عن الشوائب التي يحدث وجودها خللاً في المفاهيم وتخلفاً في الركب، كما أننا في حاجة إلى المثقف المؤثر الذي يستثمر أدوات العصر لينقل رسائل وطنه، هادفاً إلى تحقيق حشد جماهيري حول جوهر هذا الاتحاد وهو الإنسان».