فاطمة عطفة (أبوظبي)
العمل الروائي الأول هو المنطلق الذي يفتح الباب واسعاً أمام كاتبه، سواء في مواجهة القارئ أو لنشر القضايا الفكرية والفنية والجمالية التي يحملها ويريد أن يشاركه الآخرون بها. لكن بعض الكتاب يظلون أسرى تجاربهم الأولى.
يؤكد الروائي علي أبو الريش أن العمل الروائي الأمثل مثل المولود الأول عند أهله حيث يغرس بالذاكرة حباً مختلفاً، لأنه ميلاد الكاتب نفسه، ويبقى له الحب الأول. ويضيف: «هذا العمل يرسخ في الذاكرة كابتهاج وفرح وخروج من القوقعة الداخلية إلى عمل يحبه ويطلع عليه الآخرون، حيث يدخل الفضاء الأدبي».
ويقول: إن العمل الأدبي الأول يستحوذ على شغف الكاتب في إثبات الوجود أساساً وتحقيق الذات، من هنا تأتي أولوية العمل الأدبي الأول ومحبته.
وعن مسألة التكرار، يوضح أبو الريش أنه لا يجوز أن يحصل، لأنه مثل الإنسان الذي لا يمكن أن يكرر ميلاده، وفي الأدب أيضاً لا يجوز أن يكرر عمله، لكن يمكن أن يأتي بنوع من التجديد والتحديث، ولا بد أن يكون هناك شخصية جديدة لأي عمل أدبي ويجب أن يختلف عن العمل الأول، وإلا ما قيمة العمل إن تكرر أو حمل الصفات والثيمات والأحداث نفسها، مؤكداً أن من يكرر نفسه في الكتابة يسقط.
مسؤولية كبيرة
من جهتها، تقول الروائية فاطمة المزروعي: «العمل الأدبي الأول مهم جداً لكل كاتب، لأنه يفتح أمامه باب النشر ويضعه أمام مسؤولية كبيرة في طرح ما يشغله من قضايا. وهو بسلبياته وإيجابياته، جزء أساسي من التجربة الكتابية. وعملي الأول كان فرصة للظهور الإعلامي، وخاصة بعد تجربة الكتابة في المنتديات والمواقع الإلكترونية، ثم اكتشفت أن النشر الورقي أفضل»، مضيفة: «يبقى العمل الأول درساً تعلمت منه الكثير، لأن البدايات تمهد لعمل آخر أنضج».
وترى المزروعي أن العمل الأول جزء مهم من حياة الكاتب. وأنه يشبه تجربة الحب الأولى بكل ما فيها من لهفة.
فرحة غامرة
وتقول الروائية عزيزة الطائي: الإصدار الأول يمثل فرحة غامرة للكاتب، يقابلها نوع من التوجس بعد أن يرى النور. كما أنه يمثل العتبة الأولى لمشروع كاتب قادم إلى الساحة الثقافية المحلية، والمشهد الكتابي العام. لذلك لا بد بداية من احتضان هذا الكاتب، خاصة إن كان كاتباً مجتهداً وواعداً.
وتضيف الطائي أن العمل الأدبي يقتضي جهداً كبيراً بتحريره وتنقيحه حتى يصبح جديراً بإخراجه إلى حيز النور. كما أن على الكاتب أن يتقبل الرأي والرأي الآخر الذي يحفزه على تشذيب مساره الكتابي، وتعزيز حضوره الإبداعي، لذلك على المؤسسات المعنية احتضان هذه الفئة من الشباب لإبراز نقاط القوة والضعف عندهم، والإشراف على منتجهم بعمل قراءات وجلسات وورش يكتسب منها الكاتب رؤية أعمق، وتجربة أنضج تعينه في مساره الإبداعي، وترقى بقلمه إلى مناهل المعرفة، وموارد الفكر.
رؤى جديدة
تقول الروائية عزيزة الطائي: «الإصدار الأول يمنح الكاتب دعماً نفسياً، وحضوراً ثقافياً، خاصة إذا نال قبولاً من المتلقي، الأمر الذي سيفتح له أبواب عطاءات أكثر قوامها رؤى جديدة، والتقاطات مجتمعية تؤكد قدرته الإبداعية لإصدارات أرحب، ويصبح عمله الإبداعي في تطور مستلهماً فنيات تقنية جديدة، مستفيداً من خصائص الرواية الحديثة بكل ما تحمله من انفتاح على عوالم روائية جديدة، والاستفادة من تقنيات الأجناس السردية الأخرى».