هزاع أبوالريش (أبوظبي)

مع انطلاق العرس الثقافي الذي يتمثل في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2022، التقت صحيفة «الاتحاد»، علي الأحمد سفير الدولة السابق لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية، بمناسبة ألمانيا ضيف شرف المعرض، ملقياً الضوء على تجربته الثرية خلال فترة عمله الدبلوماسي، وكتابه «التجربة الألمانية».
وقال علي الأحمد في بداية حديثه، إن معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعد إضافة حقيقية لإثراء المشهد الثقافي، ليجد الإنسان المبدع ذاته، ويرى نفسه، وعلى المرء أن يستفيد جيّداً من مثل هذه الأماكن الثقافية التي تعد جزءاً مهماً للتواصل والانفتاح على الآخر والاطلاع على الثقافات المتنوعة التي توسع من مدارك الإنسان وتجعله منفرداً متميزاً في حياته، مضيفاً، أن التميز هنا بحد ذاته يجعل الفرد يتقدم لينجز ويعطي بامتياز، ويبذل قصار جهده ليقدم الأفضل الذي يتناسب مع طموحاته وما يعكس رؤية وطنه ورؤى قيادته الرشيدة.
وتابع الأحمد: هذا الترابط يترك شيئاً جميلاً ما بين المحافل الثقافية، والإبداع الذي يعد إضافة للإنسان ووطنه، والاهتمام بالحضور والتواجد في مثل هذه الاستحقاقات الثقافية الكبرى التي تسهم في صقل الثقافة، وتجعل المشهد الثقافي متطوراً ومتقدماً ومتقبلاً للآخر وفكره، مشيراً إلى أن هذا التقبل بحد ذاته هو الإبداع لأنك حين تتقبل الآخر، يبدأ الحوار وفي الحوار تجد الإجابة عن كل الأسئلة، وطالما أن الحياة بدأت بسؤال فعلينا أن نعيش شغف الأسئلة ونبحث عن أجوبتها للارتقاء بمفهوم الحياة والإنسانية.

ثراء معرفي 
وأكد الأحمد، أن معرض أبوظبي الدولي للكتاب، جاء ليواكب هذه المرحلة الجديدة ويستبق الزمن في تقديم المحتوى الذي يتناسب مع جميع الفئات، ليقدم محتوى متنوعاً، ومضموناً قيّماً يضم كل الأفكار في قالب الإثراء المعرفي الثقافي، والترفيهي، محتوياً على فعاليات وأنشطة ومحاضرات تجعل الزائر أمام لوحة فنية تشكيلية مبهرة، لافتاً إلى أن هذا التنوع يجعلنا نقف أمام هذا المعرض بإجلال وتقدير لأنه حقاً جاء ليحقق الفكرة الرامية، والنظرة التي تجعل من قيمة الكتاب والقراءة أولوية حياتية لدى أفراد المجتمع.
وأضاف، أن المكرمة التي قدمها مؤخراً، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بتخصيص 6 ملايين درهم لشراء كتب من معرض أبوظبي الدولي للكتاب وتوزيعها على مدارس الدولة، لإثراء ثقافة القراءة ودعم قطاع النشر، تجعل الكتاب يصل إلى شريحة أكبر من طلاب المدارس، مما يساعد على غرس حب القراءة لديهم، وهذا الإيمان النابع من القيادة الرشيدة لقيمة القراءة والتشجيع الدائم لأبنائنا وحثهم على القراءة والاطلاع، يجعلهم أمام قدوة ومثل أعلى يدرك أهمية الكتاب، لينشأوا على مرجع قيادي حصين ورصين يعطيهم أسس الحياة. 
وأوضح علي الأحمد، أن حضور الطلبة في مثل هذه المحافل الثقافية يجعلهم يتابعون عن كثب تفاعل العالم والمشاركين وكيفية إدارة الفعاليات وتنظيمها، بالإضافة إلى الخوض في غمار المعرفة والثقافة والاطلاع على أفكار الآخرين ومشاركاتهم المتنوعة، وكل ذلك يصب في خدمة الفكرة لأن تكون دائماً حاضرة في المشهد الثقافي الوطني، وباقية في الذاكرة لتختزل جل التحركات التي تساهم في الارتقاء الثقافي بمفهومه الصحيح.

ضيف شرف
وقال علي عبدالله الأحمد، إن حضور ألمانيا كضيف الشرف لعام 2022 في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، يعطي مؤشراً على قيمة ألمانيا وحضورها في التاريخ الثقافي، الذي يفتح أفقاً واسعاً لاستقطاب العقول بجناح مشارك لها تبلغ مساحته 400 متر مربع ويعرض فيه 34 ناشراً ألمانياً مجموعة من كتبهم، مؤكداً أن هذا الاختيار يأتي امتداداً للعلاقات الثنائية التاريخية التي تجمع بين الإمارات وألمانيا، ويمثل تجسيداً للمكانة البارزة التي تحظى بها ألمانيا في القطاع الأدبي فهي تتمتع بتراث أدبي غني ومتنوع.
وتابع الأحمد، أن لدى ألمانيا علاقة قوية تربطها بالعالم العربي، ما يجعل الترابط الثقافي عميقاً، وفي مثل هذه الفعاليات الثقافية والمحافل الدولية تنسجم الروابط وتبرز الأفكار لتسليط الضوء على التبادل الثقافي بين الشعوب العربية والشعب الألماني على مر العصور.

«التجربة الألمانية»
تحدث الأحمد عن كتابه «التجربة الألمانية»، الصادر عن دار «روايات»، والذي ينقل تجربة حيّة عن حياته وخبرته المهنية التي تعد تجربة ملهمة، من خلال مسيرة تنقلات حافلة بالأفكار والمعلومات والرحلات الشيّقة التي تثري تجربة المتلقي والقارئ. وقال الأحمد: «بما أنني عشت في ألمانيا لسنوات، زرت خلالها مدناً كثيرة في أرجاء مختلفة، ما جعلني أقدم هذا الكتاب في محاولة لنقل هذه التجربة للقارئ»، مقدماً تجربة دبلوماسية متميزة عبر مسيرته الحياتية، وحضور فكري رائد في خدمة الوطن، وجهود تصب في خدمة الثقافة والتواصل الفكري. 
وأضاف الأحمد قائلاً: «أما مواضيع الكتاب فهي مستوحاة من زياراتي لتلك المدن، فكلما اقتربنا من مكوّنات الثقافة الألمانية تبيّن لنا مدى تنوّعها وعراقتها، وهذا الكتاب يلقي الضوء على بعض إسهامات الشعب الألماني في بناء الحضارة الإنسانية، في ظل تساؤلات منها، ما الذي يميّز ألمانيا؟ وكيف نجحت في استعادة ثقة العالم بعد هزيمتها في حربين عالميّتين؟، لتصبح اليوم رابع أكبر اقتصاد في العالم»، موضحاً أن الكتاب يضم خلاصة أفكار وتجارب تجعل القارئ أمام معلومات ثرية ومتنوعة.