كمال عبد الحميد

«القراءة يجب أن تكون شكلاً من أشكال السعادة»، قالها الأرجنتيني بورخيس، أحد أبرز القامات الأدبية والنقدية في القرن العشرين.. والقراءة كذلك بالفعل: بوابةُ معرفةٍ، مُحفزة خيالٍ، غذاءُ عقلٍ وروحٍ. حفظت الكتابة منذ أول نقوشها وأشكالها سؤال الإنسان وشغفه بالوجود وحيرته أمام العصي والمبهم، واختصرت القراءة الأزمان، وفتحتْ على أسرار الحياة والتاريخ وعي الإنسان.

ثمة فرح ينتقل بالضرورة من الكتابة إلى الكتاب، من الفكرة إلى تحققها وجوداً حياً على ورق يترقب ما يسكنه ويعمر بياضه بجواهر العقول والخيال. وثمة فرح ينتقل من الكتاب إلى القارئ، هكذا هو التوالي البهي، وفي «أبوظبي الدولي للكتاب» إن كنت تسير، أو تقف، أو تعاين الأغلفة، فسوف تشرد مأخوذاً ببهجة ما ترى: أطفال، وشباب، رجال ونساء من كل الأعمار جاؤوا إلى معرض يعدهم كل عام بالمدهش والعميق، بالكلمة وأصحابها، بالإبداع وأهله، إنهم هنا في المكان الأجمل، وفي العاصمة الزاهية، وعلى أرض وطن السعادة، وطنٌ أصدر أول قانون من نوعه للقراءة، وحدد شهر مارس من كل عام شهراً وطنياً للقراءة حاشداً بالمبادرات. هكذا مع شروق كل شمس يجيء عشاق أبوظبي الدولي للكتاب كل يوم بشغف يتجدد، يتنقلون ما بين جناحٍ وآخر، كأنما نبت لكل زائر جناحان ليطير بهما بين العناوين قاطفاً من ثمارها ما يطيب لروحه وعقله.