فاطمة عطفة (أبوظبي)

يحتضن المجمّع الثقافي معرض «تصرفات عامة» للفنانة فرح القاسمي، الذي افتتحه معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، في 11 مارس الماضي، ويستمر لغاية 20 سبتمبر المقبل، ويقدم المعرض أعمال فرح القاسمي، المقيمة في الولايات المتحدة الأميركية، وتشمل مجموعة من الصور الفوتوغرافية والأفلام التي اشتغلت عليها ما بين 2020 - 2021، ويتم عرض هذه الأعمال في تسلسل زمني يستكشف الطبقات المتراتبة للبيئة الاستهلاكية متعددة الثقافات في الإمارات، ويتحدى في الآن ذاته مقاربتنا لمفهوم الواقعية، والإبحار عبر حميمية مساحات خاصة وعامة.
ويقدم المعرض المسيرة المهنية للقاسمي من خلال أربعة أقسام رئيسة هي: «العالم يغرق، جسد وأشباح، عيون مي الزرقاء، ومقعد سيارة ترمب لويل»، بالإضافة إلى عرض فيديوهات وأعمال مختارة تجسد شعوراً بالوهم والتشويق، يتبلور عبر عدسة الفنانة النقدية والساحرة، التي ترتب طبقات متخيلة في الصور، ما يرمز بدوره إلى بنية الثقافة، وكيفية تداخلها.

إحساس بالإلهام
وفي المعرض أيضاً تحضر تجربة القاسمي المزخرفة بلحظات تنقل إحساساً بالإلهام كما نرى في مشهد «المنزل»، أو مشهد «المدينة»، سواء كان إعلاناً ضخماً أو ورق جدران لمشهد طبيعي تصويري، أو جدارية لفضاء خارجي أو غرفة نوم بنت من الطراز الفيكتوري، أو ملصقات العطور كما في «مفتول العضلات» و«السعادة القصوى»، أو رقصة العيالة من الفنون الإماراتية، وهنا يظهر توازن لافت في ثقافة الاستهلاك يعكس الحدود اللامرئية بين الفضاء والجسد والمادة والتقاليد الجندرية والخيالي واللاخيالي.
ومن الأعمال المعروضة كذلك والمطبوعة على الورق، «ماكدونالد القديم» 2014، و«البندقية المتهاوية» 2012، و«ورق جدران المغيب» 2012، و«ورق جدران فينيل»، و«انتبه لرأسك» 2014.

أسلوب سردي
وبأسلوب سردي، وظفت القاسمي بطريقة متميزة موضوعات مما وراء الطبيعة، مستمدة ذلك من اهتمامها الخاص بأفلام الرعب، التي تحول فضاءات العيش اليومية إلى أحاسيس بالرهبة، لتصبح هذه الأفلام رموزاً للقلق والغرابة، ومن هنا تبحث القاسمي عن الأسطورة والأماكن المجهولة والمخاوف المعدلة التي تستدعي التشويق، واضعة الجوانب الغرائبية ضمن إطار المألوف، وكثيراً ما وظفت أجزاء من الجسد في أعمالها حيث تبدو متماهية وشبه مكشوفة ضمن الفضاء، مثل «الاستحمام بصابونة لوكس» و«غداء» 2018، وهي اللغة التي تحكيها القاسمي في تناولها للافتراضات الجماعية لما هو طبيعي، وما هو مزيف، وغالباً ما يوظف هذا الأمر ضمن مجموعة من الألوان الحيوية، حيث تظهر هذه المعطيات الغريبة إحساساً بالانزياح العاطفي للمشاهد.

«قطة تائهة» 
 كما أن بعض الأعمال المعروضة تعبر أيضاً عن القيمة الدنيوية والغرائبية لفضاءات وعناصر في العالم الحديث، مثل «جدارية القصر المسكون» 2019، والذي يصور الفضاء الداخلي لقصر تم بناؤه 1991، وكان يعتقد أنه مسكون، أما اليوم فتحول إلى متحف، بينما تأخذ أعمال أخرى لفضاءات عامة، وهناك بعض المتاجر تعرض البضائع المستوردة التي تصبح جزءاً من الذوق والجمال المحلي، كما تستخدم القاسمي تأثير صورة «قطة تائهة» 2018، حيث نتج عن توظيفها طبقات من الحكايات وتوقعات المشاهد لمحيطها الثقافي. 
كما يضم المعرض أيضاً صوراً شخصية التقطتها القاسمي، منها إحدى الصور التي تظهر شخصاً يجلس وعنوانها «غيث في المنزل» ولا يبدو أنه ينتبه لمن يراقبه، وعلى يساره يوجد ظل وردة كأنه أيقونة لبورتريه الوردة التقليدي، وهذا الشخص نراه يرتدي الزي الخليجي التقليدي.

سيرة ذاتية
نشأت فرح القاسمي في أبوظبي في أوائل التسعينيات، وحصلت على شهادة التصوير الفوتوغرافي من كلية بيل عام 2012، ثم ماجستير في التصوير الفوتوغرافي من كلية بيل للفنون في 2017.