نوف الموسى (دبي)

صوت نَفَس الفنان والمصور الفوتوغرافي الإماراتي عمّار العطار، بينما كان يزحف على طول إحدى الأفلاج القديمة، ضمن التسجيل الصوتي للأداء الفني، للعمل الفني «1 Moving» ضمن معرضه الفني «خارج النطاق» المنظم من قبل معرض 421، أعطى استثنائية شاعرية في كيفية أن يحول الفنان جسده إلى ماء، ويروي سحر التجربة رغم صعوبتها، ذات دلالة بشح الاتصال بين الإنسان والطبيعة، حد الجفاف، وأثره في إخفاقات المحاولات المستمرة لإثراء تطور الوجود من خلال الإبداع.
وقال العطار لـ«الاتحاد»: «نحن نكرر الأشياء نفسها، محفوفين بمناطق الراحة، دونما مجازفة، ما يستدعي رؤى جديدة، تجعلنا نقبل الاختلاف، وننفتح على الأسئلة، وهي عملية لا تقلل من قيمة التكرار كحالة خلق متفردة، فكل حركة قمت فيها مثلا باستخدام أداة الختم لإنجاز المعاملات، كررت العملية بالطباعة على الجدار، مرتدياً الزي الرسمي للعمل، في مستويات زمنية متباينة، وبالتأكيد في حالة جسمانية مختلفة، أقصد به «التكرار غير الواعي»، بالمقابل، فإذا كان الإنسان يكرر حالة ما بوعي، فبإمكانه الانتقال إلى مستوى متطور من التجربة، ولكن سؤالي يبحث في تلك القيود التي تتشكل مع الوقت حول التكرار لأفكارنا وسلوكاتنا وتعاطينا اليومي والذي نؤديه من غير إدراك حقيقي لما نفعله».
ويرسم العطار باستخدام قطعة فحم، دائرة حول نفسه، ويستمر في تكرارها حتى يُنهك، عرضها في المعرض باستخدام تقنية جهاز العرض «Projector»، وجعل المشاهد يتأملها على الأرض، وهو يدور حول نفسه، عنوانها «Circle 2»، وفي مشهد يوازيه رسم باستخدام قطعة الفحم مربعاً حول نفسه، وهو بذلك يجسد دعائم الأمان لمنطقة الراحة، التي تمثل القيود الاجتماعية والفكرية والشخصية، وهنا سرد العطار علاقته بجسده، التي اتخذت مجرى جديد، قائلاً: «احتجت أن أحسن لياقتي، وأن أسعى إلى تعزيز علاقتي بالمكان كفنان، فمثلاً أردت من خلال مشروعي لربط الأشجار الميتة مع بعضها بحبال، إنعاش الاتصال بين الأشجار، إنها مسألة أن يضع الفنان خياله الإبداعي لإحياء المكان، فمن خلال ذلك، أنت تتيح للأفراد الخروج من دوامة التكرار، وفعل الأشياء من دون تفكير، من خلال إعادة اتصالهم بجوهر الوجود عبر الطبيعة الأم».
ويتابع المشاهد لمعرض «خارج النطاق» كيف يقفز العطار في أحد الأحواض الزراعية المهجورة، ويتكرر مشهد القفز في الفيديو، مشكلاً حالة فكاهية مستفزة، موضحا أنه سعى إلى بيان كيف أن الإنسان يحتاج إلى أن يحرر نفسه وتفكيره، وأن يقفز إلى مسار مختلف، ويعيد اكتشاف ذاته. 
وعملت القيمة المستقلة لويس أوكيلي، مع العطار على توسيع الإمكانات الخاصة بأدائه الفني، إضافة إلى ممارسات ونقاشات نقدية خاضها الفنان مع فنانين رواد في دولة الإمارات، متخصصين في الحس المفاهيمي وثقافة التجسيد البصري، فالأخير يبرز في العمل الفني «Covering 1»، حيث قام العطار بتغطية السطح العلوي لحوض كان يستخدم خزاناً للمياه المستخدمة في أنظمة الري القديمة في المزارع التقليدية. ولفت العطار إلى أنه اقتنى نحو 300 متر من القماش، ليقوم بنفسه بعملية نسجه فوق المسامير المثبتة، وقد يلاحظ المشاهد للفيديو التوثيقي للأداء الفني، كيف يتحرك العطار في داخل الحوض بين الزوايا المتقابلة للمساحة الداخلية، بينما يتفاعل القماش مع الهواء، ما يسبب أحياناً صعوبة إتمام النسج، متخذاً القماش أشكالاً متداخلة للأفكار والمعتقدات وفوضى الحركة داخل الفضاء العام، عكس فيها الهواء ومحاولة العطار مجاراته، التحديات اليومية التي يواجهها الإنسان. 
حركة العطار في عمق الحوض لنسج القماش، أعطت إحساسا بصوت المكان، والذي يمثل إحدى العناصر التوثيقية في أعماله، يصفها بالأصوات المتلاصقة، ويعني بها كيف أن المشاهد قد يتحرك في داخل المعرض، ويستشعر الأصوات لمختلف تجارب الأداء الفني المتعدد، وأنها بشكل ما تتكامل.