محمود إسماعيل بدر (الاتحاد)
يشكّل العيد مناسبة عطرة للفرح والمحبّة والعودة إلى مزيج العادات والتّقاليد الأصيلة، وسط دوّامات الحياة إلى يوميات مفعمة بأجواء أكثر جمالاً وبهجة وتفاؤلاً وسعادة، تزينها عبارات التّهنئة بمختلف اللّغات واللّهجات، ليكون للجميع بهذه المناسبة السعيدة، وفي هذا السياق تكون للأدباء والمثقفين خواطرهم وذكرياتهم عن أيام عيد الفطر المبارك، وقد استطلعت «الاتحاد» آراء بعضهم بهذه المناسبة: وفي هذا السياق يؤكد الكاتب والممثل الإماراتي عبدالله مسعود أنّ العيد بالنّسبة له كان وما يزال يشكّل ثقافة خاصة، استمدّ منها لحظات الفرح وطقسية اجتماعية مفعمة بالجوانب الإنسانية، وعن ذكرياته مع العيد يقول:
«ذكرياتنا كثيرة، حيث كنّا نستقبله ونحن أطفال بفرح غامر، أحياناً ننتظر حلول فجر يوم العيد، دون أن نشعر بأننا بحاجة إلى النّوم، ولا نريد الابتعاد عن ملابسنا الجديدة التي سنرتديها بالمناسبة، ثم نذهب إلى صلاة العيد مع الأهل والجيران.
وكنّا ننتظر العودة من الصلاة بفارغ الصّبر، حتى نعيش أجمل أيامنا مع أترابنا، وأصدقائنا الجدد، لننطلق للاستمتاع بالحياة مع العيدية التي كانت مجزية بالنسبة لنا كصغار، حيث شراء العصائر والحلوى الشعبية وركوب الأرجوحة الخشبية، وبعدها نعود للبيت متّسخي الملابس، وأحياناً قد نلقى توبيخاً من الأهل وأحياناً أخرى يعذروننا». ويضيف مسعود: «لا تخلو أيام العيد أيضاً من تعلّم عادات وتقاليد جديدة مثل استقبال الضّيوف وصبّ القهوة لهم، وطريقة السّلام والتّرحيب بهم، وسط بهجة غير اعتيادية».
وعن رؤيته للعيد هذه الأيام يقول: «في أيامنا هذه أصبح العيد لدى البعض مجرّد أيام تنقضي وتذهب دون أن تترك الكثير في الذاكرة، سوى من بعض الأشياء الاحتفالية التي نوثّقها عبر كاميرات هواتفنا الذّكية، وكل ما أتمناه أن نصنع فرقاً وأساليب جديدة ترسّخ العيد كمناسبة دينية واجتماعية وإنسانية أكثر عمقاً في الذاكرة».
فرح يكتسح المدى
ومن جانبه، يقول الشاعر محمد عبدالله البريكي، مدير بيت الشّعر بالشارقة: «أوّل ما أتذكره من دروب الحياة في مرابع الطّفولة والصّبا، قسوة الحياة حينما تنكسر لعبة جميلة تحملها طفلة، وترقص الدّنيا على قدميها مع الذين يلعبون على حبل معلّق في شجرة غاف، وقطعة حلوى تباع على الطّرقات المؤدية إلى مصلّى العيد، ومع ضحكة رجل عجوز أثقلت كاهليه الهموم، ولكنه يعود طفلاً حين يقف أمامه من يمدّ يديه ليطلب عيديته، فيقدمها له وهو يعود بشريط الذاكرة إلى صباه ولهوه وزهوه. إنّه الفرح الذي يكتسح المدى في أيام العيد، حيث الأصوات المنبعثة من مآذن المساجد بأصوات المكبّرين المبتهلين». ويرى البريكي أن أجمل ما في العيد هو عودة الرّوح إلى علاقات الأهل والأسر بعضهم ببعض، حيث الموائد من الأكلات التقليدية التي تجمع الكبار والصغار في بيت العائلة، تحت عطاء من الألفة والحميمية، بما يجعل للقاء العائلات ربما بعد انقطاع مذاقاً خاصاً، تترجمه عبارات الترحيب، وسط طقسية تبعث لنا بروائح البخور والعود والخلطات العطرية الشعبية من كرم الضيافة الخليجية. وفي أيام العيد يرتبط ذهني كثيراً بكلمات أحمد رامي، ولحن زكريا أحمد، وصوت أم كلثوم، وهي تصدح: يا ليلة العيد آنستينا، وجددت الأمل فينا، يا ليلة العيد.
أما الكاتب وعضو جمعية دبا الحصن للثقافة والفنون والمسرح علي القحطاني، فيرى أنّ العيد أيام زمان كان مناسبة لاستجلاب الفرح والبهجة، ترتبط بذكريات عزيزة، ويقول عن ذكرياته مع المناسبة: «في طفولتي، كنت أستعد للعيد من النّصف من شعبان في حقّ اللّيلة، أو ما يسمّى أيضاً بالقرقيعان، وكنت أقضي السّاعات الطّوال وأنا أتخيل شكل الملابس التي سأرتديها وأتفاخر بها أمام أترابي، بل كنت أسعى لجمع مصروفي اليومي لأضيفه إلى أموال العيدية، تمهيداً لشراء الألعاب في صبيحة أول يوم، ولمّا كبرنا ومع اتساع دائرة الاهتمامات من الأسرة والأولاد والوالدين والإخوة والأصدقاء والأرحام، تحوّل كل شيء وبخاصة العمل على تأمين مستلزمات العيد، وتجهيز ما يفي باحتياجات المجلس لاستقبال الضّيوف وترديد جملة عساكم من عواده، وسط فضاءات من الفرح، وما يتخللّ ذلك من طقوس أداء للشلاّت والأهازيج الشّعبية، وغيرها».
وعن العيد هذه الأيام يقول: «بالطّبع هناك اختلاف مع الزمن في أجواء هذه المناسبة العظيمة وعلاقة النّاس بها، حيث ثمة شعور بأن الاتصال التواصل بين النّاس ربما صار أقل بسبب سطوة التّطوّر التكنولوجي السّريع».