محمد عبدالسميع (الشارقة)

يستعيد الكاتب الإماراتي والباحث فهد المعمري طقوس وأجواء رمضان، في مدى لهفة الناس للتعبّد وصلة الأرحام والإحساس بالتواصل الإنساني خلال الشهر الفضيل.
ويقول إنّ الناس فيما مضى كانت تشعر باحترام كبير لهذا الشهر وتعمل له، بل وتنتظر قدومه منذ منتصف شعبان، في تحضيرات ممتعة تضفي عليها النوافل والسنن وصلة الأرحام جمالاً روحانيّاً مميزاً، في الاستعداد لصلاة التراويح وتقسيم الصائم يومه بين الواجبات وخطّة ختم القرآن الكريم.
أمّا روعة التواصل الاجتماعي في رمضان، فكما يرى المعمري، تمثل بساطة الحياة والناس واعتدالهم، من دون تعقيدات، لمدة ثلاثين يوماً مضيئة بالتقاء الجيران و«الربع»، والتشارك في ما بين أيديهم من طعام.
ويشرح المعمري أنّ تلك الفرحة كانت تنعكس بظلالها على عالم الأطفال الذين كانوا يرسمون أجمل مشاهد حياتهم، في ألعابهم وفرحتهم وتزيين البيوت والأماكن لاستقبال رمضان.

في رحاب رمضان
ومن ذاكرته، يروي المعمري أنّ المجتمع الإماراتي والعربي عموماً يشترك في هذه الصفة الجميلة، حيث تبدأ النساء بجمع المؤن وتبادل الأطباق بين الجيران يومياً، أما الإفطار الجماعي فهو قمّة الشعور بالقرب والتواصل بروح الأخوة والمحبّة بين الناس.
كما كان عالم الطفولة هو الآخر يسير في رحاب رمضان بما هو متاح ومتوارث من الألعاب، في جوّ مفعم باللعب، فلا إنترنت يمنع أطفال الأمس من اللعب وتلبية طلبات المنزل.
ويذكر المعمري من بين التحضيرات التي تقوم بها النسوة لرمضان، طحن حب الهريس منذ شهر شعبان، استعداداً لصنع الطبق الإماراتي المفضل، بالإضافة إلى شراء المؤن، أمّا ألعاب الأطفال فكانت تتمثل في «الصوير، الدسيس، ولواح» التي لا تزال تفرض وجودها حتى اليوم باعتبارها من الموروثات الشعبية الإماراتية.
ويتابع المعمري بأنّ الاحتفاليّة المبهجة في رمضان عادةً ما تتم على مستوى الاجتماع لدى كبير العائلة، سواءً الجدّ أو الأب على مائدة واحدة، كما يحرص الضيوف والمدعوون على إعداد أطباق خاصة يتشارك فيها الجميع، أما مستلزمات الشهر فتتم بشراء وتجهيز «المير»، وهي عادة إماراتيّة أصيلة تقدم فيها الهدايا للأهالي والأصدقاء.

«الفترة الذهبية»
ويرى المعمري أنّه، وبالرغم من قلة وجود المظاهر الترفيهية في رمضان ذلك الوقت، إلا أنّ له مذاقاً خاصاً وبهجة مستمدة من مشاركة الصغار للكبار وسماعهم الراديو والشعور بجمال الأيام.
وعن نتاجه الأدبي، يكاشف المعمري بأنّ السنوات الأربع الماضية من رمضان كانت وافرة وزاخرة بكتاباته، كما أنّه يستعد خلال هذا الشهر لكتاب جديد ينتهي منه قريباً تحت عنوان «الفترة الذهبية»، موضّحاً أنّ معناه جاء مستلهماً من رمضان وحالة الانتباه والتركيز التي يكون عليها الدماغ خلال الصيام، ولذلك فهو ينصح بوضع جدول مريح للقراءة، اعتماداً على ميزة رمضان القرائية كمتنفس لكثير من الشرائح المجتمعية.