هزاع أبوالريش (أبوظبي)

أجمع أدباء ومثقفون لـ«الاتحاد الثقافي»، على أن أهمية اختيار الشارقة أول ممثل لدولة عربية ضيف شرف الدورة الـ49 من «معرض لندن الدولي للكتاب»، الأمر الذي ينعكس على ما تقوم به الإمارة من إرساء دعائم الثقافة والجهود الرامية التي تعزز وتخدم الحراك الثقافي، مما يسهم في وضع الشارقة في قلب الرؤية الثقافية، والرؤى الوطنية التي تدرك ثيمة الكتاب، وقيمة القراءة بعزيمة فذة لا تكل ولا تمل متمثلة بمشاركاتها في المحافل الدولية وإبراز مفهوم تحركاتها الجليّة التي تصب في عمق الفكر الإنساني.

قوة ناعمة
وتؤكد الدكتورة وفاء أحمد، كاتبة وناقدة، كما يقال دائماً، «إن الثقافة والفن يستطيعان تحقيق ما لا تحققه السياسية»، فإن هذا يترجم واقعياً من خلال مشاركات الإمارات وتحديداً إمارة الشارقة في الكثير من الفعاليات التي تعنى بمجالات عدة في الكثير من دول العالم، وآخرها مشاركة الإمارة في معرض لندن الدولي للكتاب كضيف شرف، وهذا يعد إنجازاً إماراتياً جديداً في مجال القوة الناعمة، والدبلوماسية الثقافية التي تعرف شعوب العالم بما تمتلكه الإمارات من إبداع ومعرفة، مضيفة «وهو عملياً ما يقرب بين الشعوب، ويساهم في التأثير المتبادل، وهذا التأثير سيخلق رابطاً قوياً بين الشعوب وجسرا ثقافيا يمتد للعقول، الأمر الذي ينعكس بالمحصلة على المعرفة الإنسانية، وتعريف العالم بالإنسان الإماراتي وحضارته وثقافته والآداب المتنوعة في الثقافية الإنسانية الإماراتية».

علامة مضيئة
ويقول الكاتب عبد الله السبب «دائماً وأبداً الشارقة محط أنظار العالم الثقافي، ومحط اهتمام المثقفين، فهي عاصمة الثقافة العالمية وليست العربية فحسب، لذا، فإن اختيار الشارقة ضيف شرف عربي في معرض كتاب لندن لم يكن محض صدفة أو على سبيل المجاملة الثقافية العربية لدولة الإمارات، ممثلة بهذه الإمارة، لاسيما واليوم العالمي للكتاب يقع زمنياً في 23 أبريل، بمعنى أنه حدث عالمي ممثل بمعرض لندن للكتاب، وهو أكبر سوق معني بالنشر وبالكتاب والذي هو مرآة حية وحيوية للأمم والأفراد، وعليه، فإن اختيار الشارقة ضيفاً ثقافياً من المشهد الثقافي العربي علامة مضيئة في المشهد الثقافي العالمي، وعالمية الثقافة الإماراتية عبر بوابة الشارقة، لم تأت من فراغ ولم تأت لسد ثغرة عالمية، بل جاءت نتيجة أنشطة وخطط وبرامج مدروسة بعناية ومترجمة إلى واقع مُعاش عبر تراكم سنوات عدة، بفضل رعاية ومتابعة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، راعي مجد الثقافة، والذي توج مؤخراً في رحاب معرض لندن للكتاب.

إبراز ثقافتنا
وقالت الدكتورة فاطمة الدربي: أهمية اختيار الشارقة أول ممثل لدولة عربية ضيف شرف معرض لندن للكتاب، جاءت تقديراً لجهودها في مد جسور التواصل بين الثقافة العربية ونظيرتها الأوروبيّة، لا سيما الحوار الثقافي، وتقديم نموذج حضاري رائد لبناء مجتمع المعرفة والاستثمار في الكتاب. لافتة إلى أنها فرصة لعرض مواهب وثقافة دولة الإمارات، والتعبير عن حب القراءة والمعرفة والشغف بالكتاب.
وأوضحت الكاتبة رحمه حسن، أن هذا الاختيار يأتي تقديراً لجهود الإمارة وتكريماً للمشروع الثقافي الذي تحمله على عاتقها منذ سنين، ويعتبر تكملة للمسيرة الثقافية الحافلة والنهوض بالفكر الإماراتي كمحرك أساسي وركيزة تقوم عليها المجتمعات في تطوير وبناء نهضتها، وهذه فرصة لإبراز ثقافتنا بشكل أكبر وإسهامات الدولة بأهمية الكتاب ولعرض المواهب التي تحتويها الدولة للعالم أجمع، مشيرة إلى أن هذا الاختيار يعد ترسيخاً للمكانة الأدبية والثقافية التي تدعمها الشارقة محلياً وعالمياً، ومدى اهتمام الإمارة بالفن والتراث والأدب في صناعة النشر وتأثيرها على المدى البعيد، ونقل الأفكار والرؤى وترجمتها على أرض الواقع ونشرها للعالم لتجسيد رؤية الشارقة كمنارة ثقافية عالمية للنهوض بالحراك الثقافي.

تواصل حضاري
وقال الكاتب محمد نور الدين، إن هذا الاختيار ليس بالغريب على هذه الإمارة الحاضرة ثقافياً، والباقية في ضمير الفكر الإنساني، كونها فرضت وجودها على الساحة الثقافية العالمية، كونها عاصمة الكتاب، وكذلك تنظم واحداً من أكبر معارض الكتاب الدولية، إضافة إلى الاهتمام الكبير التي توليه الإمارة للكتاب والمتاحف والجامعات والثقافة بشكل عام، وكل ذلك يجعل من الشارقة مركزاً مهماً للثقافة العالمية، والمعرفة الإنسانية، مؤكداً «كون العالم اليوم يمر بتحديات تجعله بعيداً كل البعد عن المعرفة والثقافة، فإن حضور الشارقة بثقلها المعرفي يجعل ذلك التوازن حاضراً في حياة الإنسانية، ما يؤدي إلى التواصل الحضاري وترابط الشعوب، والاقتراب من الآخر».
وتابع نور الدين: الشارقة استطاعت أن تفرض وجودها الثقافي الفكري، وأن تعيد الإنسان إلى مستواه الحقيقي الذي يجمع بينه وبين الآخر، والتواصل المبني على المبدأ والحوار، وطالما هذا هو الأصل، فالشارقة أعادت البوصلة الإنسانية إلى جهاتها الصحيحة لتواكب الإنسانية مسيرتها الفكرية بروحٍ حافلة بالعطاء والسخاء الذي لا ينضب. 
مختتماً، ضمن هذه الجهود الوطنية التي أرستها إمارة الشارقة استطاعت أن تبني ثقافة مستقبلية للإنسان على مستوى دولي، ما يجعلها خير من يمثل الثقافة الإنسانية والفكر الوطني في المحافل الدولية الكبرى.