فاطمة عطفة (أبوظبي)

بين فن التشكيل والكلمة الشعرية تاريخ طويل من التأمل الفكري والشغف الوجداني ورهافة الذائقة، فإذا كان الشاعر ينهل من تراث يمتد إلى ما يزيد على 1500 سنة، فإن الخط العربي هو أول فن تشكيلي ارتبط بالمقدس من خلال تدوين القرآن الكريم، واختيار آيات منه لخطها بشكل فني مبهر وجمالي. وهكذا كان الشاعر والخطاط الإماراتي الراحل عبدالله محمد المساوي الهاشمي، الذي كرس حياته للشعر والخط، من دون معلم أو دليل غير موهبته وشغفه وحبه لتشكيل الحرف العربي وإيقاع عبارته الممزوجة بأنفاس الشاعر وخفقات قلبه. واستمر المساوي 15 سنة وهو يخط بحروفه الفنية الأسماء والأرقام في جوازات السفر في وقت مبكر لم تكن المطابع قد انتشرت بعد.
 وفي لقاء «الاتحاد» مع ابنيه، تحدثا عن آثاره الشعرية والفنية التي تركها الفقيد، والتي تنتظر أن يقوم أحد الأدباء والدارسين في المؤسسات الأدبية والثقافية للاطلاع عليها ونشرها أو نشر مختارات منها، لتبقى ذكرى الفنان الشاعر بين أيدي القراء، كما كان يحب بأن تكون أعماله منشورة ليطالعها من يشاء.
يقول مرتضى المساوي، ابن الفنان الراحل: كان بيتنا برعاية الوالد مملوءاً بالمحبة والألفة والأحاديث المفيدة، وبعد التقاعد اقتربنا منه كثيراً وأصبح متفرغاً لكتابة الشعر وفن الخط، حيث كان يمضي يومه في الكتابة والتخطيط وهو يشتغل على الورق مباشرة ولا يستخدم الكمبيوتر، وكان يعتبر قراءة الشعر وكتابته رياضة للعقل وحرصاً على التراث وحفظ آثاره الجميلة.
 وأكد مرتضى على قوة الذاكرة التي كان والده يتمتع بها، بحيث يحفظ أرقام التلفونات من دون تدوينها، وأشار إلى أن الأعمال الشعرية تتضمن ثمانية أجزاء جمعها في مجلد بعنوان «خلجات شاعر»، وهي تتناول قضايا متعلقة بالمجتمع والقيم التربوية والأخلاقية، وهناك أشعار لم تطبع بعد. وأشار ابن الراحل إلى كفاح والده في حياته، حيث اشتغل في الوظيفة والتجارة ليؤمن حياة مستقرة لأبنائه، لكن بعد التقاعد تفرغ لكتابة الشعر والمقالات، إضافة إلى الرسم والتخطيط.
 ويضيف مرتضى: نحن جميعاً خطنا جميل، لكن بنت أختنا هي التي اكتسبت فن التخطيط والزخرفة وكانت دائماً ترافق جدها وتتعلم منه.
أما الابن الأصغر مصطفى المساوي، فتحدث بحماس وحنين عن والده الرحل قائلاً: الوالد كان مدرسة في حسن المعاملة والتواضع، وكان يتميز بمهارات عدة منها كتابة وصياغة الشعر الذي فيه حكمة إنسانية وتوجيه تربوي، إضافة إلى شعر المناسبات الوطنية والاجتماعية، إلى جانب موهبة الخط الذي كان يرسمه بشغف، كما كان يكتب في الصحف وله مجموعة من دواوين الشعر، وأشياء لم تنشر بعد وهي تنتظر من يصنفها ويعدها للنشر. كان أكثر شعره يتوجه إلى الأم والأب وكيف يجب تربية أولادهما على الأخلاق النبيلة، ومع تقدمه في السن كان أيضاً منتجاً يكتب القصيدة على الورق ويرسلها للنشر في الصحف والمجلات، كما كان دائماً يتواصل مع الأرحام، لأن صلة القربى ضرورة أن تستمر برأيه وأن لا تنقطع، وبأسلوبه اللطيف كان يستطيع التفاهم مع الكبير والصغير، والجميع يحبه وهو كذلك يبادلهم الحب والحديث، ونحن تعلمنا منه الكثير في الخط والشعر والتجارة، وعلينا أن نحفظ تركة الوالد الشعرية والفنية.