محمد نجيم (الرباط)

تُعد تجربة الفنان التشكيلي والنحات المغربي عبد الكريم الوزاني، ضمن التجارب الرائدة في المشهد الفني المغربي، كونه يبدع أعماله وفق رؤية متفردة ومبتكرة، سواء في طريقة الاشتغال أو الأدوات المستعملة لإيصال خطاب بصري يرسم طفولتنا الهاربة، ويحمل تداعيات جمالية ومهارات فنية تواكب العصر عبر أبعاد جمالية ومفردات زاهية بالألوان المُشرقة، تجعل المتلقّي يعود إلى طفولته البعيدة مانحة إياه لحظة من الفرح وسيولة لونية تبعث الجمال في ذات المتلقي والمشاهد.
تتجلى شعرية الخطاب الجمالي في أعمال الفنان عبد الكريم الوزاني في استدعاء حركية اللون وتلْمِيس الحديد، ليُمنح هذا المعدن الخشن القاسي خاصية جمالية يمررها الفنان إلى المتلقي وفق أسلوب له معنى ودلالات جمالية آسرة، وإيقاع سيمفوني لوني يشي بالحركة وإدماج الفضاء (فضاء العرض) في التعبير الجمالي والنص البصري.
في معرضه الجديد، «طبيعتي» والمقام برواق كينت في مدينة طنجة، والذي يستمر حتى فبراير المقبل، يأخذنا الوزاني (1954)، الذي درس في مدينته أساسيات الفن قبل أن يتخرج من إحدى مدارس فرنسا، إلى عوالم الطفولة وسحرها، حيث تبدو حيوانات وطيور وأزهار الوزاني مفعمة بالحياة وتكاد تُنسي المتلقّي ما يعيشه العالم كوارث جراء تفشي فيروس كورونا.

  • عبد الكريم الوزاني

وخلال افتتاح المعرض، قال الوزاني، إن المعرض هو ثمرة عمل واجتهاد امتد طوال سنة كاملة، أريد من خلاله إبراز شخصيتي الفنية المتراكمة، والتعبير عن نظرتي للأشياء التي تجاورني وأحس بها في الحياة.
عالم هذا الفنان هو عالم مرئي وفلسفي متحوّل لا يفتر عطاؤه ولا يمكن الإحاطة بكل جوانبه، خاصة أنه يستحيل اختزال الفن التشكيلي في المدارس المعروفة على اعتبار أن حدود الفن أوسع من أن تؤطّر في ممارسات إبداعية محدودة العوالم والآفاق، كما قال الفنان المغربي الكبير بوعبيد بوزيد خلال حفل الافتتاح.
أما الناقد الجمالي فريد الزاهي، فقد وصف أعمال الوزاني بأنها تكاد تغدو لعب أطفال ينصبها في الفضاء، وتكبر وتتعالى حتى تغدو أشبه بأرجوحة، هكذا يمنحنا هذا الفنان منذ أكثر من ثلاثة عقود كيانات فاتنة تترجم عالمه المرئي، وتزج بنا في مكونات محيطنا لتعيد خلقه لنا وأمامنا بمزيج من الدهشة والمرح والفتنة. 
منحوتات هذا الفنان ترفل بالكائنات، من ورود وأسماك وأشجار، تكاد تنبع من أيادي طفل لم يجد أمامه غير أسلاك الحديد والخرق والألوان كي يشكل بها تلك الكائنات، ليستبطن في الذات تلك الفرحة الطفولية بالرسم، جاعلة من الممارسة النحتية والتشكيلية لعبة طفولية مشحونة بالانفعالات.