الشارقة (الاتحاد)

أكد أكاديميون ومترجمون أن ترجمة الشعر العربي ممكنة، على الرغم من احتياج المترجم إلى جهد كبير، للحفاظ على بيئة القصيدة، إلا أنه ضروري لبلوغ الشعر موقعه المفترض لدى قرّاء اللغات الأخرى. جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان «الشعر والترجمة – ندوة جائزة ترجمان» عقدت ضمن فعاليات اليوم الثاني من الدورة الـ40 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب.
إلى ذلك، أشار الأكاديمي والمترجم صبحي البستاني إلى أنّ الترجمة هي الجسر الذي لا بدّ منه، لتحقيق الانفتاح بين الشعوب والثقافات وتواصل الحضارات، لافتاً إلى أنه يعارض كل الجدل الماضي والحاضر حول فكرة أن الشعر لا يمكن ترجمته.
وقال: «لا بدّ عند الحديث عن العلاقة بين الشعر والترجمة، من الانطلاق من تحديد ميزات هذا الشعر، وليس من تحديد الشعر نفسه، وإنّ من أهم هذه الميزات صفة الإيقاع والموسيقى، والصورة الشعرية، والكلمة والتعبير، التي ينتقل فيها الشاعر من الدلالة المباشرة إلى الإيحاء».
وأضاف: «انطلاقاً من ذلك، عندما أنظر إلى الترجمة في هذا المجال، فهي إبداع قصيدة جديدة، ليس على أنقاض قصيدة قديمة، وإنما بناء قصيدة موازية تمامًا للقصيدة العربية، ولذا فإنّ اللغة التي سيتم الترجمة إليها إذا كانت مرنة، فيمكن حينها خلق الإيحاءات التي أرادها الكاتب في النصّ الأصلي، وبالتالي فإن الشعر يترجم، والمهم في هذا الأمر هو خلق الجوّ والبيئة المصاحبة للقصيدة، وذلك على الرغم من الصعوبات والتحديات التي يمكن مواجهتها».
وقال المترجم والمحرر لويس ميغيل كانيادا: «الترجمة ليست مسألة تخصّ المترجمين أو الناشرين فحسب، وإنما تحدد بالمجتمع ككل، ولذا فعلينا أن ندعم ترجمة الشعر العربي، لأنّ الاهتمام بـ 1500 عام من عمر الشعر العربي يستحق فعلاً تبني هذا التوجه». وأضاف: «طرحت على نفسي تساؤلاً حول هل الترجمة الشعرية خيانة للنص الشعري؟ أنا أرى بناءً على تجربتي في ترجمة 15 ديواناً من العربية إلى الإسبانية، أن الترجمة أمانة وثقة بالشعر والشاعر واللغة والقرّاء، وإنما الخيانة تكمن في أن نقوم بترجمة نصّ ما، ونحذف من ضمنه النصّ الشعري». وتابع: «على مترجم الشعر ألا يخشى الحرفية، وعليه أن يترك القصيدة تعمل من تلقاء نفسها للحفاظ على صدق الإيحاءات، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ كل نصٍ قد يحتمل ترجمات عديدة، وكلها صحيحة».
وحول معايير منح جائزة ترجمان للترجمة، أشارت إزبيلا كامير دافليتو، عضو مجلس أمناء جائزة ترجمان، إلى أنه ليس من السهل اختيار العمل الفائز، في ظل العدد الكبير الذي يصل من مختلف أنحاء العالم. وقالت: «نشعر بحجم المسؤولية المترتبة على اختيارنا للأعمال الفائزة، فهي عملية تقييم كبيرة لدور النشر التي تبذل جهداً كبيراً. وفي هذا العام تمّ منح الجائزة للمرة الأولى لترجمة مجموعة شعرية تتمثل بـ«أحد عشر كوكباً» لمحمود درويش، التي ترجمها المترجم ميشيل سليمان. وهي نقلة في غاية الأهمية، ولكن من المؤكد أنّ ذلك سيفتح آفاقاً واسعة في هذا المجال في المستقبل».
من جهتها، قدّمت لورا دي بيوترو، مديرة دار النشر البرازيلية «تابلا»، عميق امتنانها وشكرها للقائمين على جائزة «ترجمان»، ولقيادة الشارقة الحكيمة، على اختيار دار النشر «تابلا» للفوز بهذه الجائزة، عن عمل شعري للمترجم ميشيل سليمان، مؤكدة أن ترجمة الشعر تلقى اهتماماً واسعاً لديهم، وقد قاموا بترجمة 3 كتب شعرية خلال عام واحد. وأشارت إلى أن الأمر في غاية الأهمية والروعة في آن واحد، أن يتم نقل الثقافة العربية وترجمتها إلى البرتغالية والإسبانية.