الشارقة (الاتحاد)

أكد رؤساء مجامع اللغة العربية وعلماء لغة الضاد القيمة العلمية التي يمثلها مشروع المعجم التّاريخي للغة العربيّة، الذي يشرف على إنجازه مجمع اللغة العربية بالشارقة، والذي أطلق صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مجلداته الأولى خلال حفل افتتاح الدورة الـ40 من معرض الشارقة الدولي للكتاب في مركز إكسبو الشارقة. وقالوا إنه يمثل مرجعاً غنياً يثري المكتبة اللغوية العربية ويفيد الطلاب والأكاديميين والدارسين، ويسهم في حفظ الذّاكرة اللغوية العربيّة من خلال التوثيق المنهجي للنصوص والأشعار والشواهد اعتماداً على أهم المصادر والمراجع.
قال امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربيّة بالشارقة، والمدير التنفيذي للمعجم التاريخي: «بعد عملٍ منظّم، ها هي ذي الأجزاء الأولى من المعجم التاريخي تُطلُّ على العرب، وتُشرقُ على العالمين من الشارقة»، مضيفاً أنه سجلّ يؤرّخ للفظ العربي منذ ما يزيد على سبعة عشر قرناً.
وتابع: «يحرص المعجم على جلب اللّفظ في سياقه الذي ورد فيه في عصر ما قبل الإسلام، مروراً بعصر التّنوير الحقيقي حيث استنارت المعمورة فيه بكلمة الله الخاتمة، حيث يتتبّع المحررون اللّفظ في النص القرآني المعجز، والحديث النّبويّ الشريف، مروراً بالشعر الأموي، فالعباسي إلى العصر الحديث».
وقال عبد الحميد مدكور، الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية والعلمية، أمين عام مجمع اللغة العربية بالقاهرة: «ظل المَشروع يُراوِح مَكانَهُ عَشرات السّنين، إلى أنْ بناه الشّيخ العالِمِ الدّكتور سلطان القاسِميّ لجمعِ اللغَة العَربيّة مِن كل مصادرِ العلم العَربية الإسلامِيّة، وهوَ بهذا الشّمول يعد الجَمعَ الأكبرَ للغةِ العَربيّة، واقتَضى ذلك وضعَ مَنهج دَقيق خضَعَ للتّمحيصِ والمراجعة، ثمّ تَكوّنت اللجان التي ستنفذه، وانْضمَّ إليها 300 عالم وخبير وباحث لغوي».
وأشار صلاح فضل، رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، إلى أن هذا المشروع العملاق لا يقتصر على احتضان التراث ولا تحليل المراحل الماضية من تاريخ اللغة العربية، بقدر ما يضع الأسس المستقبلية لمتابعة هذا الجهد الجبار في ملاحقة التطورات التي تؤذن بها ثورة المعلومات لإثراء العربية بكل ثمار التطور الحضاري القادم.
وأشار عبدالله الوشمي، الأمين العام لمجمع الملك سلمان، إلى أن المعجم التاريخي للغة العربية يحقق حلماً تعايش معه اللغويون والمهتمون باللغة العربية زمناً طويلاً، حتى قيض الله له الرؤية الطموحة والوعي العميق، بجهود صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي، ليقود هذا المشروع العلمي، مؤكداً أن هذا المشروع القيم فتح عربي نوعي يواكب الجهود الكبرى التي تنهض بها الشارقة في كل حقل علمي.
وقال محمد حسين آل ياسين، مدير المجمع العلمي العراقي: «تحقّق اليوم حلم الأُمة القديم المتجدّد بالمعجم التّاريخيّ للغة العربيّة، ليسدَّ نقصاً جوهريًّا في المكتبة اللغويّة». وأضاف: «لم ينقطع الكلام على ضرورة العمل على وضع معجم تاريخيّ للعربيّة يُعنى بالرّصد الطّوليّ المتسلسل للاستعمال اللغويّ وكشف التّطور الدّلاليّ للكلمة عصراً بعد عصر مستنِداً إلى شواهد الشّعر والنّثر، ليضع أمام الباحثين صورةً متكاملة لحياة الكلمة منذ ولادتها حتى وصولها إلينا».
وأكد محمد السعودي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية الأردني، أن المعجم يسهم في نهضة العربية ومستقبلها، لجمعه بين الدّلالة المعجمية وتطوّرها على أزمنة متواصلة، لكشف عمق ثقافة أمتنا وحضارتها، وأصالة اللفظة فيها وتدرجها، فهو ليس معجماً لغويًّا انتظرته الأجيال منذ فجر الأمّة فقط، بل روح هذه الأمة.
وقال صالح بلعيد، المقرّر العامّ للفريق الجزائري في المعجم التّاريخي للّغة العربيّة «إنّ إنجاز المعجم التّاريخي للّغة العربيّة من الأولويات، ونحن نعيش منعطفات تاريخيّة قاسيّة إجباريّة لمواصلة الطّريق الذي صنعته أقدام السّابقين، وسننجح بعظم هذا المنجز الحُلم الذي أصبح حقيقةً بفضل العلماء المثابرين المرابضين وراء النّبش والحفر في الماضي والحاضر لمعرفة المعنى، وتثبيت الرّواية، وتحقيق الشّاهد».
وأشار محمد شندول، رئيس لجان التحرير المعجمي التونسية، إلى أنّ صاحب السمو حاكم الشارقة، تكفَّلَ عام 2006 بالإنفاق على هذا الحمل وجعل منه مشروع القرن، وأنْشَأ عام 2016 مجمع اللغة العربية بالشارقة لمتابعة إنجاز المعجم، وأذن عام 2019 بالشروع في التحرير، فانطلقت لجانه في العمل على إنجاز هذا المعجم الذي قلّ نظيره قيمةً وحجماً وجمالَ إخراجٍ.
وقال الخليل النحوي، رئيس مجلس اللسان بموريتانيا: «إن شمس المعجم التاريخي للغة العربية أشرقت من سماء الشارقة»، لافتاً إلى أن رهان الشارقة الناجح على قدرات الأمة جعل المعجم مشروعاً قومياً شارك فيه باحثون ومحققون ومدققون من كافة الأقطار العربية.
وأوضح محمود أحمد السيد، نائب رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق، أن في محتوى المعجم التاريخي للغة العربية إحياء لمفرداتها ومعانيها، ودقة في التعبير عن تبيان مسيرة بنات أفكارها وهي تنتقل من عصرٍ إلى آخر. ولفت إلى أن المعجم يسد فراغاً كبيراً في صرح ثقافتنا العربية.
وقال عبد الفتاح الحجمري، مدير مكتب تنسيق التعريب (الألكسو) إن الحاجة إلى استكمال إعداد المعجم التاريخي للغة العربية بإشراف مجمع اللغة العربية بالشارقة، وتحت مظلة اتّحاد المجامع اللغوية العربية، يكتسب الأهمية، لأن هذا المعجم لا يعرف بماضي العربية وذخيرتها اللغوية فَحسب، وإنما يعد سبيلاً لمعرفة مُستقبل نموّها وتطورها، فاللغة التي لا تَتطور تندثر.
وأكد الباحث مأمون وجيه، المدير العلمي للمعجم التاريخي للغة العربية، أن المعجم مشروع لغوي حضاري انطلق قطار العمل فيه من دون توقف، وأن الاحتفاء بقطوف هذا الإنجاز يتمثل في إصدار بواكير الطبعة الأولى لهذا السجل اللغوي الفريد الذي يحكي قصة اللغة، ويؤرخ ميلاد مفرداتها.