نوف الموسى (دبي) 

فُتحت البوابة الفنية لمؤسسة خولة للفن والثقافة، حاملةً بين جنباتها، رسائل اللغة عبر الخط العربي في الثقافة الإسلامية، والجمال المعماري من خلال حضور الزُخرفة في الفراغ النحتي، وتأثير الروح عبر بيان أثر القصيدة في اللوحة الفنية، وجميعها تطرح أسئلتها وقدرتها على إحداث الاتصال بين مختلف ثقافات العالم، في أول معرض فني للمؤسسة بعنوان «الوحدة في التنوع»، مساء أول من أمس، في موقعه بـ «دبي أوبرا» كمن يستمر في عزف الموسيقى، وسط موجات من التحديات اللانهائية، أبرزها الأزمة الصحية المتعلقة بـ «كوفيد-19»، التي انطلقت عبرها حرم سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني، سمو الشيخة خولة بنت أحمد خليفة السويدي، رئيسة مؤسسة خولة للفن والثقافة، بدعوة لأهمية الاستمرار في دعم الفنانين من خلال تقدير الرواد، وإتاحة فرص أكبر للشباب، مؤمنةً بأن الفنون عبر تنوعها قادرة على بث الحساسية الأخاذة نحو التفاصيل الجمالية ذات العلاقة المتجذرة في الروح، مصدر الحُب والإبداع. في لوحات الشيخة خولة بنت أحمد بن خليفة السويدي المقدرة بـ 22 لوحة، بالإضافة إلى 52 عملاً فنياً لفنانين من أكثر من 18 دولة، رحلة داخلية نحو إمكانية إحداث الوحدة بأبعادها التنوعية نحو محاكاة كونية، لتجليات بصرية تبحث عن قوة داخلية في الإنسان، تدفعه للاستمرار والتماسك لبناء عالم أفضل.
في لوحة «ملاذ الآمنين»، للشيخة خولة بنت أحمد بن خليفة السويدي، انسابت كلمة «الروح» مجسدة نصوصها الشعرية، «وليْ في حنايا النفس منزلةٌ، تتضرع في حب الإله، رجواك»، وقالت عنها ريان حقي، مديرة المشروع في معرض «الوحدة في التنوع»، إنه الاشتغال على تطوير الإحساس في اللوحة، هو عمق تجربة الشيخة خولة بنت أحمد بن خليفة السويدي، أبرزها استخدامها للزخرفة المغربية والإيرانية والتركية، المتسقة مع فكرة اللوحة المبنية على نصوص خاصة فيها، فمثلاً في لوحة «الروح في صلاتها ملاذ الآمنين»، هناك بحث لـ 18 لغة مختلفة لكلمة الروح، التي نجدها كامنة في تفاصيل اللوحة، إضافة إلى الجرأة في الألوان، التي تعكس بالتأكيد قوة المرأة وحضورها، وربما المعنى الأسمى الذي سعت إليه الفنانة هو التأكيد على مسألة مقدرتنا أن نتحد على مستوى الشعور من خلال تذوقنا للأعمال الفنية، وهو ما يدعونا مجدداً للبحث بين الإنتاجات الإبداعية في معرض «الوحدة في التنوع»، عن السمة الشعورية المشتركة، والانتقال من فكرة «المعرض» باعتبارها مساحة عرض، إلى كونها منصة لإنتاج الشعور الإنساني.

  • أحد الأعمال الفنية المعروضة

من أمام لوحة الفنان كامبيز حضرت بور، «النور الأبدي»، في معرض «الوحدة في التنوع»، تتحرك الكلمات والمفاهيم الإسلامية وتراتيلها، على شكل دائرة لا نهائية في تعبيره أن الخط العربي، أساس الفنون في الثقافة الإسلامية، والأداة الاستثنائية لإثراء التواصل بين الناس، معتبراً أن الاستخدامات المتعددة للخط في الفن الحديث، ستستمر في إرساء نفسها كمنهجية إبداعية فاتنة، لفت حولها الفنان خليل المدهون، عبر منحوتة فنية بعنوان «نزهة العيون»، عندما جمع بين النحت والخط العربي، مبيناً كيف أن الذائقة الفنية للجمهور تكون أكثر تقبلاً للفن الحركي، فمثلاً عبر مشاركته في المعرض، ركز على جمالية التكوين في الطبيعة عبر استخدام رمزية الخيل العربي، وتطعيمه بالخط العربي، قائلاً: «عندما أدخل في مساحة عرض، وأرى منحوتة، فإن ما يحرك العين ويجذبها، هو الخط الخارجي للعمل، إلى جانب الاشتغال على الخط العربي في المنحوتة، عبر فكرة الفراغ في الكتلة، مقدماً إيقاعاً خاصاً للعمل، على مستوى الملمس والحجم، بمنظور حسيّ».
في تزامن ساحر بين العمل الفني «همس» للفنان العراقي ناطق الألوسي، والعمل الفني «معراج» للفنان علي جانبور، تحدث الألوسي عن التعبيرية، كمدرسة تجسد الحركة من دون تفاصيل، بما يشبه العرض المسرحي لطرح فكرة معينة، أو تجسيد حدث أو انفعال معين في التجربة الإنسانية. بالمقابل، تغنى الفنان علي جانبور، بفكرة أن الفن هو النور الداخلي للإنسان، وبفقدان هذا النور، يفقد الشخص شعور الاتصال، وكيف أن الفن يصل بالإنسان إلى حالة من التوازن البديع.
من جهتها أوضحت الفنانة كلثم بن سلاح أنها من خلال مشاركتها في معرض «الوحدة في التنوع»، عبر لوحة «بنت الصحراء» تعرفت كلثم على تجارب عديدة، لفنانين رواد، وانضمت في نقاشات وحوارات ساهمت من وجهة نظرها، في أن تفتح لها أفقاً جديداً، لافتة إلى أهمية البيئات الفنية والحاضنات الإبداعية في دولة الإمارات، التي بدأت تلعب دوراً جوهرياً في إعطاء قيمة نوعية للفنان وأعماله الفنية، ما يساهم في إحداث تطور استثنائي للحراك الثقافي في المنطقة.