فاطمة عطفة (أبوظبي)
تقول الفنانة وردة الجنيبي، إن فن الصياغة وتصميم المجوهرات يتطلب دقة شديدة، إلى جانب المهارة والتأني والخبرة الطويلة، موضحة أن حلمها أن تعرض لوحاتها الفنية في متحف اللوفر، أما عن البدايات، فتقول «باكورة عملي في هذا المجال بدأت عام 2014 حين شرعت أبحث عن ورش تدريبية تصقل مهاراتي وأدواتي بشكل احترافي في صياغة الحلي، وقد واجهت الكثير من التحديات، لكنها لم توقفني عن تحقيق هدفي».
وأشارت الجنيبي إلى أن الفرصة جاءتها حين التحقت بورشة عبدالرحمن الحمادي «العسجد»، ومن هنا أخذت أساسيات الحرفة، ثم انتقلت إلى الدراسة المنهجية بالتصميم وصياغة الحلي مع عزة فهمي وأكاديمية مصر للفنون اليدوية والتراث.
عُملة «مليحة»
وتابعت الجنيبي: واصلت البحث أيضاً عن ورش الصياغة في مصر حتى وجدت الورشة المناسبة التي أستفيد منها في حرفتي، وما زلت أتردد عليها كلما سافرت إلى هناك لتحصيل المزيد من الخبرة الفنية والحرفية، وتذكر أن آخر ورشة زارتها للتعلم كانت في سلطنة عُمان بولاية صور، و«بعد ذلك، توالت مشاركاتي في معرض الشرق الأوسط للساعات والمجوهرات في الشارقة، ومعرض المرأة المؤثرة، إضافة إلى التعاون مع إدارة متاحف الشارقة، من خلال دورات تدريبية في مجال صياغة الحلي، وهذا التعاون مستمر حتى الآن».
وحول فن صياغة العملة والاستفادة من تحف التراث، تقول الجنيبي: كوني من مليحة، وهي منطقة عريقة تمتلك إرثاً تاريخياً كبيراً، فقد استلهمت جميع تصميماتي من حضارات المنطقة، وتُعد حضارة مليحة إحدى أهم الحضارات القديمة في الشارقة، وكانت تعرف باسم (ملوخا)، وكان اختياري لها لتصميم عملة محلية؛ لأنها تمثل جزءاً من تاريخ بلدي الإمارات، وبخصوص نقوش الوجهين، فيظهر نقش لرأس هرقل، وعلى الوجه الآخر نقش للمؤله شمس إلى جانب نص آرامي، أما باقي النقوش الخارجية فهي من تصميمي كإطار للعملة.
أهمية التناغم
أما عن كيفية الربط بين الماضي والحاضر، فتشير الجنيبي إلى أنها تحاول الدمج بينهما عبر الاطلاع على أحدث ما يعرضه سوق المجوهرات والإكسسوارات، لأستمد من عراقة التاريخ الكثير، فلا أحصر نفسي في الحاضر فقط، بل أرى أهمية التناغم في الأعمال الفنية ما بين الماضي والحاضر والمستقبل، كشكل جديد من الفنون، حتى يستلهم الشباب تاريخه ويستمد منه اعتزازه بهويته، وبناء عليه أتمنى إدراج مادة الصياغة ضمن المشاريع الصغيرة.
وتوضح الجنيبي أن أحب أعمالها الفنية إليها هو التصميم الأخير، وهو مستلهم من عُملة «مليحة» المحلية التي اكتشفت عام 1990، مع بقايا لقالب حجري يستخدم في صب العملة، كما توجد فئات متعددة من النقود التي سكت في «مليحة».
قراءة التاريخ
ومن خلال تصاميم الحلي، تحاول الجنيبي أن تركز على الاهتمام بالتاريخ لإعادة فهم بعض ما مضى في الأزمنة السابقة، وتقديمه بلغة عصرية تأخذ من الماضي، وتتجه إلى إنسان اليوم لتحاكي معارفه، وتقدم رؤية جديدة ومختلفة في عددٍ من الأمور الملتبسة لديه، وترى أن قراءة التاريخ من منظور مختلف لا تشمل إلا ما التبس فهمه ويحتاج إلى إيضاح من خلال استقراءات واستنباطات تقودنا إلى مقاربة طرق التفكير عند الأقدمين ومعرفة أساليب التعبير لديهم؛ لأننا لا نغير التاريخ بل نعيد قراءته بما يضيء الجوانب التي كانت خافية منه.
وعن اهتمامها بالتاريخ، تقول الجنيبي: محبتي للتاريخ يعود إلى البيئة التي ترعرعت فيها، وتحديداً أسرتي التي كانت روافدها المعرفية تستند إلى قراءة كتب التاريخ، وكطفلة صغيرة عاشت في فضاءات مشبعة بذكريات الماضي، فقد تبلور داخلي الميل إلى استكشاف خبايا تاريخ بلادي وتراثها العريق الذي كان طريقاً لاستكشاف ذاتي والاعتزاز بهويتي وثقافتي.
منصة إبداع
وتوضح الجنيبي أنها تشارك للمرة الثالثة في فعاليات معرض الشرق الأوسط للساعات والمجوهرات بالشارقة، تحت مظلة منصة المصممين الإماراتيين بدعم من غرفة تجارة وصناعة الشارقة، في إطار جهودها في دعم رواد الأعمال ومشاريع الشباب والترويج لها في مختلف المعارض، وهي تُعد المشاركة فرصة مهمة لتلاقح الأفكار والتعرف على جديد صناعة المجوهرات عالمياً، مبينة أنها ستشارك في إطلاق ورش تدريبية وتعليمية للمنتسبين تحت إشراف هذه المنصة الإبداعية، والتي تضم دورات عن صياغة وتصميم المجوهرات، وتُعد هذه المشاركة أمراً مهماً يتناغم مع رسالتها في تمرير تجربتها الفنية ومعارفها للآخرين.
أما عن «إكسبو 2020» وأبعاده الثقافية، وكيف تنظر الجنيبي إلى هذا الحدث العالمي الكبير، فتقول إن الفنانين سوف يستلهمون منه الكثير، باعتباره فرصة للانفتاح على ثقافات العالم المختلفة، تحت سقف واحد شعاره الإبداع والابتكار.