محمد نجيم (الرباط)

في معرض استعادي، قدمت مؤسسة فريد بلكاهية في مراكش، بعض أهم الأعمال التي تركها الفنان التشكيلي المغربي الراحل فريد بلكاهية (1934-2014)، ويسلط المعرض الذي حمل شعار «فريد بلكاهية: تحف فنية مرسومة: رشمات، منحوتات، طباعات ليتوغرافية وطباعات على الشاشة الحريرية»، الضوء على تجربة الفنان التشكيلي فريد بلكاهية ونهجه في النهل من التراث البصري المغربي، وما يحفل به هذا التراث من أوشام وعلامات ونقش على النحاس ورسومات بالحناء على الجلد والخشب وغيرها من الأسانيد. 
بلكاهية فنان يستدعي الذاكرة الروحية في أعماله ويوظفها أحسن توظيف، كما برع الفنان الراحل في استعمال حروف «تيفيناغ» الأمازيغية بما تحمله من عمقٍ وعراقة ضاربة في القدم، كما تحفل أعماله باستحضار الدائرة التي قال عنها الفنان بلكاهية إنها الشكل الأكثر طبيعية في الوجود فالعالم دائرة، والوجود دائرة، وكل شيء هو كذلك، كما افتتن الفنان برقصات «غناوة»، التي تجلت بقوة في عدد من أعماله، وكان لوجود الألوان، الأصفر منها والأحمر، والأسود والأبيض والأخضر، الذي يرمز إلى خصوصية ممالك الجن المتجلية في رقصات «غناوة»، الأثر البالغ عليه، وقد عثر على طقوس مشابهة في «كوت» بكوريا وفي «كونمبلي» بالبرازيل، كما حضر الفنان أمسيات «الفودو» بهايتي، ثم العديد من المراسيم الجنائزية لدى بعض القبائل الأفريقية. 
ولا يكمن اهتمام بلكاهية بهذه الشعائر فقط في الإمساك بظاهرة «الجذبة» أو الرقص الصوفي في طابعها كوجد، فقط باعتبارها سيرورة، وإنما بوصفها التحول الفيزيقي للجسد في حال الوجد، سواء في معماره أو هندسيته، وقد لاحظ باندهاش حضور الدائرة والمثلث، فعلق قائلاً: «الإنسان عبارة عن مثلث حقيقي حين يدخل في الوجد».
ويعد الراحل فريد بلكاهية من رواد الفن المعاصر بالمغرب، وانطلقت مسيرة عرض أعماله الفنية منذ سن مبكرة وعمره لم يتجاوز 15 عاماً، وتابع دراسته في مدرسة الفنون الجميلة بباريس عام 1955، قبل أن يجري تعيينه مديراً لمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء عام 1962.