هويدا الحسن (العين)

اتفق الكاتبان علي أبوالريش وسلطان العميمي على تأثر الأدب المحلي بالموروث الشعبي، خلال ندوة بعنوان: «الرواية في الإمارات بين الموروث الشعبي والنص الأدبي»، نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، على هامش الفعاليات الثقافية المقامة في معرض العين للكتاب 2021.
وعن أهمية الموروث في تشكيل وعي القارئ، قال الروائي أبوالريش: إن حكايات الجدات والأمهات هي المصدر المعرفي الأول الذي نقل الموروث عبر الأجيال، كما أنها اللبنة الأولى لفن الرواية، حيث كان يشتعل خيال الأطفال عن طريق تلك الحكايات، مضيفاً أن الرواية وليدة الخرافة، والخرافة من صنع الفلسفة، والغرض من الخرافة ليس تقديم صورة موضوعية عن العالم كما هو، بل التعبير عن فهم الإنسان لنفسه في الواقع الذي يعيش فيه، والخيال البشري هو الأساس الذي ينطلق منه صناعة الرواية التي تتحول إلى قصة أو رواية، ذلك الخيال الذي بدأ بزراعة القمحة التي صنعت كل الصور الجمالية الخرافية الرائعة، فالإنسان على مدار تاريخ تطوره مر بثورات ذهنية كثيرة أعظمها هي نشوء الخيال، مضيفاً «بينما يزعم علماء أن الخرافة انتهت وبدأ العلم، إلا أن المراقب يعرف أن الخرافة مستمرة، فالعلم نفسه نشأ من رحم الخرافة، وسيبقى الخيال زاد الفنان والكاتب.
 وأوضح أنه ينصح الأدباء الشباب بالاتكاء على جماليات اللغة، فالعمل الإبداعي من دون لغة لا يساوي شيئاً، مشيراً إلى أنه وكما أن الفنون المكان الوحيد للهروب من العالم هي أيضاً المكان الوحيد للالتحام به.
 وأكد أن الموروث سواء من الحكايات والأساطير أو اللعب والأهازيج مكون أساسي للوعي الجمعي الذي يشكل الوجدان البشري.
 وعن تأثير الموروث الشعبي في أدبه قال أبوالريش، إن الإمارات تتكئ على موروث ثقافي ضخم ليس على الكاتب سوى أن ينهل منه، موضحاً: »إن الكاتب إذا لم ينطلق من بيئته وموروثه الشعبي فلن يقدم شيئاً ذا معنى، فالموروث هوية وطنية تكتسب لغةً وفكراً فلسفياً«.من جهته، قال سلطان العميمي، رئيس اتحاد كتاب الإمارات، ومدير أكاديمية الشعر باللجنة الثقافية للبرامج والمهرجانات: إن الكاتب لا يمكن أن يخوض مجال الرواية أو القصة من دون أن يكون متزوداً بكم معرفي مرتبط بوجدانه وثقافته ورؤيته، مشيراً إلى أنه يحتاج إلى استمرارية هذا الوقود المعرفي سواء من خلال القراءة والاطلاع أو من خلال المعايشة والاختلاط بالثقافات المختلفة.
وعن الموروث الشعبي، ذكر العميمي: »تعريفه شديد الصعوبة لأن علينا أولاً تحديد ماهية ذلك الموروث، هل هو ما تداولته الألسن والشعوب ولم يتم تدوينه، أو دُون في مراحل متأخرة، وما هو الذي يحدد تاريخ الشيء ليصبح شعبياً ويصنف موروثاً، هل هو الأمثال والخرافات والعادات والتقاليد المتوارثة، وهل في إمكاننا كتابة قصص تصنف بأنها شعبية وتصبح جزءاً من الموروث، أسئلة كثيرة تواجهنا عندما نتحدث عن الموروث الشعبي ومحاولة وضع تعريف له«. وأوضح أن العالم الآن يلجأ إلى إعادة إنتاج قصص قديمة كعلاء الدين، وسندريلا وبعضها يحمل رؤى مختلفة عن القصص الأصلية، مضيفاً: »يمكننا القول إن هناك إعادة إنتاج مستمرة ولا نهائية لذلك الموروث، ما يعيدنا إلى حقيقة أن تصنيف العمل الفني بشعبي ليست له مقاييس ثابتة، وهو ما يجعله عملية معقدة«.
وأكد تأثره بالموروث، قائلاً:»أنا ابن الأدب الشعبي وابن الشعر النبطي، ولكني أيضاً ابن الرواية الحديثة، فجميع تلك المعارف تشكل جزءاً أساسياً في تكويني المعرفي، وبصفة عامة لا يمكن أن تنتج الأفكار العظيمة من دون التقاء الأفكار المعرفية من مختلف المعارف الموروثة والحديثة«.
وأوضح أن رواياته تتضمن شخصيات خرافية تتناقلها الحكايات الشعبية، مثل شخصية »جنزول« في روايته»غرفة واحدة لا تكفي"، مشيراً إلى أنه على الكاتب عند تناول شخصيات خرافية من التراث أن يراعي شكل الحياة واللغة التي كانت مستخدمة في ذلك الوقت ما يكسب شخصياته صدقية لدى المتلقي.

عالمية الإبداع الإماراتي وتجربة العين
استضاف المسرح الرئيس بمعرض العين للكتاب، أمس الأول، جلسة «الكاتب الإماراتي بلغات العالم»، تحدثت فيها إيزوبيل أبو الهول، المديرة التنفيذية وعضو مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب، والناشرة كيرا كين عن عالمية الإبداع الإماراتي في الكتابة وحجم التواصلية بين منجزات الكاتب المحلي والمشهد العالمي. وأشارت المتحدثتان إلى أن رحلة الكتابة والتأليف والنشر الإماراتية تستدعى الدرس والنقد والتحليل، باعتبارها أحد أبرز أشكال القوة الناعمة التي تسمح للعالم بالتعرّف إلى أصالة وتميّز تجربة التنمية الإماراتية. واستعرضت الجلسة ملامح الاهتمام بترجمة الكتاب الإماراتي إلى لغات مختلفة.
 وفي جلسة «العين في قائمة التراث الثقافي العالمي.. تجربة عربية رائدة»، قال عبدالله راشد النعيمي والدكتور عوض علي صالح إن مدينة العين استحقّت بتاريخها الثقافي أن تكون ضمن قائمة اليونسكو ليس فقط لكونها تجربة عربية مميّزة، ولكن أيضاً لكونها علامة قوية على نجاح تجربة دولة الإمارات في إرساء حضارتها الجديدة.