أبوظبي (الاتحاد)

أصدر مشروع «كلمة» للترجمة في مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي ترجمة كتاب «القواميس»، لمؤلفته لِندا مَكلستون، ونقله إلى اللغة العربية بندر الحربي، وراجع الترجمة د. محمد زياد كبة. 
يُسلط هذا الكتاب الضوءَ على طبيعة القواميس وهويتها وتاريخها في عددٍ من اللغات، ويتطرّق إلى مؤلفيها وأهدافهم وأساليبهم في التأليف، ويبحثُ كذلك في مجموعة من الحقائق المرتبطة بهذا النوع من المؤلفات، تلك التي بدأت في مرحلة تدوين الكلمات في المخطوطات، وصارت أكثر وأوضح في مراحل لاحقة، إلى أنْ وصلت اليوم إلى مرحلة مدوّنات النصوص الرقمية. كما يقدِّم الكتاب أيضاً شواهدَ تاريخية ومعاصرة تثبت أنَّ القاموس لم يكن عبر تاريخه مجرد وعاءٍ لكلمات اللغة فحسب، بل أيضاً مرآة للأفكار الاجتماعية والثقافية السائدة في الزمن الذي كُتبت فيه. ففي المقدّمة أشارت مؤلفة الكتاب لِندا مَكلستون إلى أنَّه لا يكاد بيتٌ يخلو من القواميس، ما يدل على مدى أُلفتِها، ومن ثمَّ يعني أنَّ القاموس بصفته نصاً يُعَد شيئاً بدهياً على نحوٍ بالغ الوضوح، وبسبب هذه الألفة، يقلُّ الانتباهُ إلى وجوده وأهميته. مؤكّدة أنَّ ارتباط القواميس بالأعمال الواقعية - وليس القصصية - مهمٌّ في هُويتها، ويُعزّز ارتباطها بالمصداقية والموثوقية والأمانة. ومع ذلك، فإنَّ القواميس حتى وإن مالت إلى كونها نصوصاً جوهرية محايدة ووسيلة تقييد وتنظيم ترشد مستخدميها إلى الاستخدام الصحيح اللغة، فهي لا تخلو من الأفكار الثقافية والتحيّزات الإيدلوجية كما يناقش هذا الكتاب في فصوله الستة.
ومن خلال عرض يتتبع تاريخ القواميس منذ القرن الحادي عشر، مروراً باختراع الطباعة في سنة 1460، وحتى العصر الرقميّ الحديث، يناقش الكتاب وظيفة القواميس التي يتنازع عليها فريقان من مؤلفي القواميس، إذ يرى أحدهما أنَّ للقاموس دوراً وصفياً يقوم على وصف اللغة وتراكيبها واستخداماتها كما هي في الواقع، أمّا الآخر فيؤكّد أنَّ دور القاموس إلزاميّ، يحاول فرْضَ قواعد استخدام إلزامية على مستخدمي اللغة ساعياً إلى عدة أهداف منها النقائية والتحكّم باللغة.
ويناقش الكتاب أيضاً، المرحلة التاريخية الأكثر تأثيراً في تأليف القواميس، تلك التي بدأت في ثمانينيات القرن العشرين مع مدوّنات النصوص الإلكترونية واستمرّت تتفاعل مع التسارع التقني المعاصر، ويتحدّث عن تأثيرها من الناحية اللغوية، وانعكاسها على القاموس الورقيّ المطبوع، الذي تشير حقائق الواقع المعاصر أنه لا يزال متعايشاً مع القاموس الإلكتروني، وأنَّ نهايته تظل فكرة بعيدة، على الرغم من التنبؤ الدائم بها.