فاطمة عطفة (أبوظبي)
يعتبر فن الفخار من أقدم وأهم الفنون العربية والعالمية، وذلك لارتباطه بألواح الطين التي سجلت للإنسان منذ القدم العديد من الحقب التاريخية التي مر بها عبر العصور، وما زالت هذه الفنون مصدر اهتمام الكثير لأنها أدوات منزلية نستخدمها في بيوتنا، سواء للزينة أو في المطابخ للطهي.
وفي «المرسم الحر» الواقع بالمجمع الثقافي، تابعت «الاتحاد» أول أمس ورشة عمل بعنوان: «فن صناعة الفخار» قدمتها أستاذة الفنون موزة المنصوري، وحضرها أكثر من عشرين متدرباً من مختلف الأعمار.
بدأت الورشة بتوزيع قطع العجين الترابية «الصلصال» على المشاركين، حيث راح كل منهم يعجنها ويشكل منها الأنموذج الذي يتخيله من أشكال، بعضهم يصنع كوباً من الماء أو صحنا للزينة، وآخر يشكل مزهرية لوضع الورد بها، أو سلة صغيرة للأقلام، أو وراقة تستوعب الأوراق، ثم تترك هذه القطع الفنية لمدة تتراوح بين أسبوع وعشرة أيام حتى تجف تماماً، ثم تأتي مرحلة الحرق حيث يتم إدخالها إلى فرن خاص لتأخذ الشكل النهائي وتستخدم للغرض المطلوب.

وحدثتنا المنصوري بشرح مبسط عن عملية «فن الفخار» وقيمته وارتباطه الوثيق بالتراث، حيث كان يحفظ للناس الأطعمة والمؤن لفصل الشتاء. وعن بدايتها في العمل بهذا الفن تقول المنصوري إنها بدأت في 2017، وهي بالأساس رسامة ترسم بالزيتي والأكريليك واتجهت بعدها إلى الرسم المائي.
وتضيف: كانت البداية مع ورش الأطفال لأني أحببت أن أنمي مواهبهم بعيداً عن الاستغراق السلبي بين الآيباد والكمبيوتر والألعاب، حيث أصبحوا مشتتين، وقد قدمت عدة ورش كانت تحمل عنوان «تنمية المهارات»، وقد وجدت رغبة كبيرة لدى الأطفال باللعب بالطين، وكان من بينهم كثير من المبدعين في تشكيل قطع فخارية متميزة.

توضح المنصوري أن عالم الطفولة يتميز بسرعة قوية في الحفظ والتقاط الملاحظات وتطبيقها بسرعة كبيرة، مبينة أن مدرس الفنون يستطيع تميز الطفل الذي يملك موهبة التعلم، فالطفل الموهوب تظهر قدراته من أول يوم، وإذا ركز على الأساسيات يستطيع أن يبدأ تنفيذ أفكاره من دون مساعدة.

وتؤكد المنصوري أن جميع فنون التشكيل تنطوي تحت الهواية ومحبة الفن، سواء كان الرسم أو النحت، ويمكن أن يتم الرسم على المنحوته ذاتها، وبذلك نجمع الاثنين معاً تشكيل المنحوتة والرسم عليها، لذلك أجد أن العلاقة بين الفنون واحدة. وتشير إلى علاقة فن الفخار بالتراث لأن الإنسان قبل الصناعات المعدنية كان يستخدم أدوات مصنوعة من الفخار، موضحة أن اختيارها اليوم لورشة (الكوب) تعيدنا إلى ما قبل مئة سنة تقريباً، بحيث تشكل عجينة الصلصال باليد وليس عن طريق قالب، ولا يوجد أي تقنيات حديثة اليوم في هذه الورشة، وبعد الانتهاء من عمل الشكل باليد، يدهن بمادة شفافة ويترك حتى يجف، مبينة أن للطين أنواعاً منه ما يحرق على درجة حرارة عالية أو حرارة أقل، وتوضح أن الأشكال يجب ألا تكون بها أي نسبة من الرطوبة عند وضعها بالفرن.