سعد عبد الراضي (أبوظبي)

فاطمة سلطان المزروعي.. أديبة إماراتية صدر لها أكثر من عشرين إصداراً في الشعر والمسرح والقصة والرواية والمقال، كما فازت بتسع عشرة جائزة في مجال الأدب والثقافة، من بينها جائزة العويس لأفضل عمل إبداعي وثقافي لعام 2013 عن رواية «كمائن العتمة»، وجائزة الشيخة شمسة بنت سهيل للأدب والثقافة عام 2013، وجائزة الإمارات للرواية 2017، عن روايتها «قصتي الأخرى»، التقيناها في هذا الحوار لتنقلنا بين مشاهد رحلتها الأدبية لنتعرف عن قرب إلى نسيج مكونها الأدبي وألوانه وأسراره..

بُعد بصري
في البداية تحدثت فاطمة المزروعي عن تجربتها بالعودة إلى طفولتها، الممتلئة بالتدوين والمفعمة بالمراقبة، ثم تطور تجربتها عبر مراحلها السنية المختلفة، وكان أبرز ملامح تلك الفترة «الكراج» الذي كانت تجلس فيه ساعات طويلة، خضوعاً لأوامر الأهل خوفاً عليها من لعبها في الشارع، وقد نشأت بينها وبينه بعد ذلك، حالة حب كبيرة، لأنه بحسب إحساسها في ذلك الوقت، رغم محدودية أركانه، إلا أن بابه كان نافذتها الكبيرة التي تتأمل من خلالها الناس بمختلف ألوانهم وجنسياتهم والحياة، ذلك الباب الذي شكل لها بعداً بصرياً بعد ذلك انعكس على أسلوب كتابتها، التي تميل فيها دائماً إلى استخدام تلك العدسة التعبيرية، من خلال رسم صور تنطلق من عوالم ذاتها، ولا تنفصل عن عوالم المشاهدة الكبرى للمجتمع والعالم، كما أشارت إلى أن اختيار عناوينها المختلف «كزاوية حادة» مثلاً ماهو إلا انعكاس لصورة تجربتها الذاتية العميقة التي تصطادها من لحظة المشاهدة، فتعتصرها في الذات، مؤكدة أن انفتاحها على القراءة للكبار، عرب وعالميين، جعل ما تقدمه ناضجاً.

حكايات جدتي
تقول المزروعي «كانت بدايتي في الكتابة مع الخواطر والقصة القصيرة، سحرتني تلك العوالم بتفاصيلها المدهشة، فكنت أنتقل فيها بخفة وسعادة، فكلما تناهى لمسامعي حديث جانبي أثناء جلسة نسائية أو في غرفة طوارئ أو حتى مشهد يثير مخيلتي تسارع أصابعي لنسج الحكاية وإعادتها من البداية إلى النهاية، ربما لأنها شرارة الإبداع الأولى التي بدأت معه قصتي في الكتابة، وكنت أشعر بأنني أرصد قضايا المجتمع ليس فقط من خلال كتاباتي، ولكن من خلال عقلي كذلك».
 وتابعت: تأثرت بجميع الأمكنة التي نشأت فيها بدءا من المنزل واللعب وقت الظهيرة في «الكراج»، والنظر لتفاصيل الحياة في الخارج من خلال فتحاته، وجدتي الساحرة بحكاياتها المدهشة بتفاصيل قصصها وخرافاتها، وأمنيتي أن أحلق كطير بجناحين حول العالم ليلا واستمع لحكاية المتعبين، إلى جانب مكتبة المدرسة والجامعة، وصديقات الطفولة والجيران، ووجوه عرفتها ربما أو لم أعرفها، رأيتها في الشارع أو في المستشفى، أو حتى في المولات والمراكز التجارية.

المرأة والمجتمع
عن ميلها في كتاباتها لقضايا المرأة من خلال المضامين التي تؤسس لها في كتبها، وتقدمها على حقيقتها حتى يتعرف المجتمع إليها، بشكل ينعكس بل يرسم طرائق صادقة لكيفية التعامل معها، تقول المزروعي: قضايا المرأة مهمة بالنسبة لي، كونها نصف المجتمع، ولكني في ذات الوقت أطرح في كتاباتي العديد من قضايا المجتمع الإماراتي الأخرى بكل حيادية، فالمجتمع متخم بالكثير من القصص والحكايات والقضايا والهموم والإنجازات، التي يستطيع الكاتب التطرق إليها عبر منجزه الإبداعي وعن تنوع كتاباتها تقول: اليوم لدي تنوع كبير في الأنشطة الكتابية، وهذا التنقل بين الأجناس الأدبية ساهم كثيراً في رفع مستوى نضجي الكتابي، مضيفة أنها تقدم منذ فترة ورشاً في كتابة القصة القصيرة والمقال والرواية للشباب، كون تلك الورش مهمة في صقل المهارات لدى الشباب وتوعيتهم بضرورة شحذ أسلحتهم وتطويرها قبل الدخول إلى ساحات الكتابة.