نوف الموسى (دبي)

«البيانو، يعبر عن كل تلك الأشياء التي لا يمكن التعبير عنها بالكلمات، من المسرح بدأت استشعر طاقة الموسيقى بشكل أكبر، لأنها تستدعي الحضور الحيّ للجمهور، ما يقدمه العازف في تلك اللحظة الفارقة بينه وبين المستمعين، إحساس لا يُمكن وصفه»، هنا استمرت عازفة البيانو تالا توتنجي في الحديث عن العلاقة الكامنة بينها وبين الآلة الموسيقية، متوقفة في مرات عديدة عند سؤال الرحلة في داخل المقطوعة الموسيقية، وكيف أنها اكتشاف ذاتي للعازف، مؤكدة الإمكانية الرفيعة للموسيقى في قدرتها على تحرير مشاعرنا الإنسانية، كل ما نحتاج إليه بالنسبة لها هو أن نشجع على حضور الموسيقى العربية، التي تمتاز بقوتها وتفردها، مبيناً أن في كل حفلة موسيقية قدمتها في قاعة «المسرح» بـ«مول الإمارات» أو تلك الفضاءات الحميمية في السركال أفنيو، تجد أن هناك مستمعين يبحثون عن الإنصات؛ لذا فإن إحداث التجربة التراكمية في مسألة الذائقة الموسيقية، في اعتقادها مرتبط بمسؤوليتها الفنية، معتبرة أنه يصعب علينا أن نرفض الموسيقى، كل ما حولنا يجسد إيقاعاً ما، أصوات العصافير، الريح، البحر، وكل ما في الطبيعة ينادي بصوته الخاص، فأينما تذهب هناك دائماً موسيقى.

تعود تالا توتنجي إلى الظروف التي مر بها العالم إبان الأزمة الصحية المتعلقة بـ «كوفيد - 19»، وكيف أن الموسيقى كانت الوسيلة التي ينادي بها الناس بعظهم البعض، وهو تأكيد لنا جميعاً أنها طريق فطرية طبيعية، وليست أشياء ثانوية مثلها مثل كل تلك الإبداعات المهمة لاستمرار البشرية وتوازنها، وأضافت أنها تستشعر أثر الموسيقى عندما تشاهد الأطفال وهم يخرجون من جلسات موسيقية، وتلاحظ كيف تتغير طاقتهم، فهي بذلك ضرورة إنسانية، واستطاعت الحضارات وعلى مر السنوات أن تعبر عن نفسها من خلال الموسيقى، فبمجرد أن يبدأ الفنان الإماراتي بعزف مقطوعة محلية، فهو بذلك يسرد قصص أُناس المكان، حياتهم تفاصيلهم وذاكرتهم. ولفتت تالا توتنجي، أن الناس تعتقد أنه عندما تعزف، فهي مسألة تتضمن الهدوء دائماً، بل على العكس فالموسيقى قد تحتمل كل شيء، هناك صراع كامل يحدث في بعض المقطوعات، وعلى العازف أن يصل إلى مرحلة تجسيد لتلك الشخصية الكامنة في النوتات، ويسأل نفسه بشكل مستمر، هل بمقدوري خوض مشاعر تلك التجربة التي يرسمها عادةً المؤلف الموسيقي.
 فيما يتعلق بالوعي الموسيقي، ومستويات تطور العازف، أوضحت تالا توتنجي أنها مسألة ليست سهلة، يتخللها محوران رئيسان، أولهما العقل الذي يتم تدريبه على استيعاب الأشياء موسيقياً، مثل الرياضيات، في عملية العد للإيقاع الصحيح وضبط النوتات، وثانيهما انتقال المقطوعة إلى العقل اللاواعي، الذي سيسهم في تجلي أحاسيس العازف، ففي اللحظة التي يركز فيها العقل على الزمن أثناء العزف، فإن للعاطفة دور في استحضار الشعور الوجداني، فالصوت الذي تصدره الآلة الموسيقية تكشف مستوى وعي الفنان. 
عازفة البيانو تالا توتنجي فنانة مقيمة في دبي، تخرجت بدرجة الماجستير من كلية ترينيتي للموسيقى في يونيو 2008، درست تحت إشراف كريستين كروشو وميخائيل كازاكافيتش، حصلت على منحة دراسية من الكلية الملكية الشمالية للموسيقى في مانشستر، وتخرجت في عام 2003 بدرجة الشرف من BMUS. نالت على منحة دراسية مشتركة من صندوق «Purcell Anniversary» ومدرسة «Chetham للموسيقى» لمتابعة تعليمها الموسيقي في المملكة المتحدة. شاركت في تأسيس وإدارة «أكاديمية تشيلسي للموسيقى»، إضافة إلى عملها مسبقاً كمديرة فنية لسلسلة حفلات «الحرية» المشهورة المستوحاة من كتابات خليل جبران عن الحرية.