محمد نجيم (الرباط)

ينشغل محمد السالمي، وهو فنان مغربي من مواليد عام 1961 في مدينة الراشدية، في تجسيماته الطينية، بحياة الناس وبساطة عيشهم، مُستعملاً الطين والخزف لإبداع تحفِه ومخلوقاته بوجوهٍ بئيسة وجاحظة في فراغ شاسع يغلب عليها الوجوم والحيرة والقلق، وهي مشاعر تحيلنا على التيه والتشظي والضياع وعبثية المصير واللاّجدوى في حياة يصارع فيها الإنسان من أجل كسب قوته اليومي، فأفكار هذا الفنان جريئة، قريبة من حياة الناس ويغلب عليه تيار الواقعية في أبعد مدى وهي أعمال تلقى كل الاهتمام والترحيب من طرف المتلقي ونقاد الفن، في المغرب والعالم العربي، نظرا لأنه يشتغل على مواضيع قريبة من الإنسان المعاصر الذي يدور في متاهات وفراغ دائم خاصة في هذا الظرف العصيب الذي تعيشه البشرية على وقع انتشار فيروس «كورونا».
قال الفنان محمد السالمي، الذي تقترب أعماله من أعمال الفنان العالمي ألبيرتو جياكوميتي «إن إبداعي هو ثمرة مجهود ذاتي وروحي، والهامشي والمنسي والبسيط في أعمالي ومجسماتي الفنية هي مواضيع قلما ينتبه إليها الإنسان العادي، فهي مواضيع نتعايش معها لأنها جزء من هويتنا ومصيرنا وهي حُبلى بذكريات وبأماكن وفضاءات وأشخاص توغلت في ذواتنا، وإذا كان الفنان، كما يقال ابن بيئته، فإن جلُّ مواضيعي سواء في أعمالي الصباغية أو النحتية، تقتات من هذه المواضيع، ربما لانتمائي إلى هذا الهامش، أو ربما لأنني أميل الى كل ما هو بسيط وقريب من حياة الناس.

  • من إبداعات السالمي (من المصدر)

وهذا الفن البسيط والمنسي غزير، غني، معطاء ومنبع للإبداع، يبعث عن الحلم.. يحمل رسائل بعدة دلالات.. يحيلنا الى الماضي بكل تجلياته، وهو أيضاً دعوة للتأمل في الحاضر لإعادة إنتاجه وضخ دماء جديدة في شريانه، كما هو أيضاً استشراف للمستقبل، ودعوة للتعايش مع كل ما هو جديد وحديث.
تصور أعمال الفنان والنحات المغربي محمد السالمي بساطة المعيش اليومي، للإنسان المغربي والعربي، أعمال تنصهر في الطين ليبدع من خلالها الفنان نعاله الطينية التي تعبر بجمالية عالية وتشخيصية خلاقة تعكس مصير الإنسان وتعقيدات الحياة، وهو من خلال تلك الأعمال إنما يريد لفت الأنظار إلى تلك الشريحة من الناس البسطاء خلال كدهم وتعبهم في القرى المنسية والنائية.
وفي مرسمه، نرى السالمي، ينشغل بأعماله ومخلوقاته الطينية التي يبدعها بحرص شديد ودقة عالية، وكل عمل فني يأخذ من وقته الكثير لتأتي بتلك التعبيرات المستمدة من اليومي والواقعي غير المألوف، ويضيف: في أعمالي أحرص على تطويع خاماتي التي أشتغل عليها سواء الأصباغ أو الطين لإيصال الفكرة التي تدور في رأسي، وما تختزنه ذاكرتي، وهي ذاكرة المجتمع الذي أعيش فيه، وأستلهم منه أعمالي وتلك رسالة الفن النبيلة.