أبوظبي (الاتحاد)
نظم مركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات، أمس الأول، ندوة افتراضية بعنوان «تاريخ الإمارات والخليج العربي في دليل لوريمر»، تحدث المشاركون فيها عن أهمية الدليل والمآخذ عليه.
خلفية تاريخية
وفي مستهل الندوة، قالت فاطمة المنصوري، مديرة مركز زايد للدراسات والبحوث، إن تنظيمها جاء بالتعاون مع الأمانة العامة لمراكز الوثائق والدراسات بدول مجلس التعاون لدول الخليج، من منطلق اهتمام مركز زايد للدراسات والبحوث بالحفاظ على التراث الوثائقي للدولة، بوصفه أحد المراكز المعنية بالدراسات التاريخية الوثائقية ونشر الوعي البحثي حول المصادر التاريخية المعنية بتاريخ المنطقة.
وأضافت أن المركز يهدف أيضاً من تنظيم الندوة إلى إبراز التاريخ الخليجي المشترك، بتسليط الضوء على مصادر تاريخية ووثائق خاصة بدول الخليج، حيث تعد موسوعة «دليل الخليج» التي جمعها جون لوريمر من أهم المصادر المعنية بهذا الموضوع.
في حين أشار محمد فارس الفارس، المؤرخ المتخصص في تاريخ الإمارات والخليج، إلى أن كتاب لوريمر بجزأيه التاريخي والجغرافي المرجع الأهم لأي شخص يريد الكتابة عن تاريخ الخليج. وقدم خلفية تاريخية لتأليف دليل الخليج المرتبط بالوجود البريطاني في المنطقة بأشكاله المختلفة، ملقياً الضوء على التقارير التي كان يكتبها الموظفون البريطانيون ويرفعونها للحكومة البريطانية بالتفاصيل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي التقارير التي تكوَّن منها دليل الخليج في ما بعد.
وذكر الفارس أنه عند تعيين اللورد جورج كرزون نائباً للملك في الهند كان حريصاً على بسط هيمنة بريطانيا على منطقة الخليج قبل القوى الأخرى، فطلب من أحد موظفي الإدارة البريطانية في الهند وهو جون لوريمر أن يعد دليلاً شاملاً عن المنطقة.
وشدد الفارس على أن دليل لوريمر تم وضعه لغرض سياسي لاستخدام الحكومة البريطانية التي أصدرته بشكل سري وليس بغرض تاريخي، مشيراً إلى أن أهميته تكمن في أن لوريمر اعتمد في إعداده على التقارير التي كتبت عن الخليج من قبل المسؤولين البريطانيين منذ أواخر القرن الثامن عشر، إضافة إلى اعتماده على المشاهدات الشخصية له خلال زيارته للمنطقة رفقة اللورد كرزون عام 1903 والزيارات التي تمت بعدها، ومشاهدات المسؤولين البريطانيين الذين كانوا في المنطقة.
كما أشار الفارس إلى أن ما يميز دليل لوريمر أنه معاصر للأحداث التي يتكلم عنها في الوقت والمكان، كما كتب عن الأحداث بصفة رسمية لكونها تقارير للحكومة البريطانية، ووصف الدليل بأنه لا يوجد له مثيل حتى الآن لكونه موسوعة تاريخية جغرافية شاملة، مشيراً إلى أنه ترجم للعربية أول مرة عام 1967 من قبل مكتب حاكم قطر، ثم ترجم مرة أخرى من قبل جامعة قابوس قبل بضع سنوات.
تدقيق وتمحيص
من جهته، أكد محمد الخضيري، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة الإمام محمد بن سعود، أهمية دليل لوريمر على الرغم من أنه يعكس وجهة النظر البريطانية، إلا أنه يحوي معلومات قد لا تكون موجودة في كثير من المصادر العربية، ووصفه بأنه كتاب لا ينكر أهميته أحد، ولا سيما لطلاب الدراسات العليا والباحثين المتخصصين، رغم كونه مصدراً واحداً ضمن المصادر الأجنبية التي تحدثت عن تاريخ الخليج.وتحدث عن أن أغلب دول الخليج كتب مؤرخوها عن بلادهم في دليل الخليج، قبل أن يلقي الضوء على تجربته في كتابة كتاب «تاريخ البلاد السعودية في دليل الخليج»، حيث نبه إلى بعض الأخطاء التي صاحبت الترجمة العربية الأولى للدليل، إلى جانب أخطاء لوريمر نفسه في بعض التواريخ. وتناول الخضيري طريقة عمله على الكتاب والتصويبات التي أجراها في كتابه على ما ورد في دليل لوريمر، ذاكراً عدداً من الأمثلة عليها.
وأشار يوسف عقيل، الباحث في مركز الوثائق التاريخية بمركز عيسى الثقافي، إلى أن هدف إصدار الدليل كان من أجل موظفي الدولة ودبلوماسييها العاملين في المنطقة. إلا أنه شدد على عدم التسليم بكل ما جاء في الموسوعة من معلومات على الرغم من أهميتها، وتحديداً في القسم التاريخي، داعياً إلى الرجوع إلى المصادر المحلية لمقارنتها بالدليل. كما أشار إلى الأخطاء غير المقصودة التي وردت في الترجمة العربية للدليل وتم تصحيحها لاحقاً.
وتناول عقيل المادة المتعلقة بالبحرين في دليل الخليج، مقدماً تحليلاً لبعض الأجزاء منها، منوهاً إلى أن ميزة دليل الخليج تكمن في منهجية التسلسل الزمني التي سهلت تتبع الأحداث، بجانب أهمية إيراده للخلافات الإقليمية حول المنطقة.
من جهته، قدم يحيى محمود، أستاذ التاريخ الحديث في جامعة الإمارات، أمثلة للأخطاء التي يمكن أن يقع فيها الباحثون والطلاب جراء الاعتماد على الدليل من دون تمحيص أخطائه والنظر النقدي إلى محتواه، مؤكداً أن بالإمكان الاعتماد على الوثائق البريطانية عن المنطقة بمصاحبة النقد الداخلي للمحتوى، حيث إن الدليل كتب لمساعدة موظفي وزارة الخارجية البريطانية وليس لخدمة أهل الخليج.
وقال إنه لا يمكن الوثوق ثقة مطلقة في كل ما كتبه لوريمر، ضارباً أمثلة للمعلومات التي أوردها لوريمر من دون تثبت أو تأكد منها قبل كتابتها. وأضاف أن هناك أجزاء كاملة من الدليل ينصح الطلاب والباحثين بعدم استخدامها والاستعاضة عنها بالمراجع الأصلية العربية التي نقل عنها لوريمر.