محمود إسماعيل بدر (الاتحاد)

يحتفي العالم هذه الأيام بذكرى مرور قرنين على وفاة القائد الإشكالي نابليون بونابرت (1769–1821)، الذي لا يزال محل جدل، فالبعض يراه قائداً ملهماً حقق أمجاد فرنسا ونظّم شؤونها الداخلية، وهناك من يكنّ له الكراهية لأفكاره المتطرفة في نشر الرعب والموت في أنحاء مختلفة من أوروبا والعالم، من خلال حروبه وغزواته وجموحه الزائد، ولكن العالم أيضا لم يكف حتى اللحظة الحديث عنه، وسط تساؤلات: هل كان عبقرية متبصرة؟ أم طاغية يرتدي ثوب الثقافة الرومانسية؟
مظاهر الاحتفاء بالمناسبة اتخذت وجوها عدة، فعلى الصعيد الرسمي يقام حالياً في العاصمة الفرنسية باريس معرض فني، ينظمه الجيش لنحو 30 فناناً معاصراً استوحوا لوحاتهم من شخصية نابليون، بعنوان «نابليون مرة أخرى»، ومن هذه الأعمال اللافتة لوحة بعنوان «الحصان الجامح» للتشكيلي الفرنسي الجزائري الأصل عادل عبد الصمد، ولوحة «تنويعات» للصيني يان باي مينج، تصور لحظة تنصيب نابليون إمبراطوراً، وتعد لوحة الرسام الشهير جاك لويس دافيد «نابليون يعبر الألب»، التي رسمها عام 1801، وتعرض حالياً في متحف اللوفر أبوظبي، الأشهر على الإطلاق، كونها تحيي مشهد مروره فوق قمة جبل سان برنار، الحادّة، فتظهره يتوسط المشهد بملامح شابّة هادئة، مرتدياً رداء أحمر اللون، مع قبعة «بيكورن» وسيف مرصع بالذهب وقفاز أسود في يده اليسرى، ممتطياً حصاناً جامحاً، يعطي انطباعاً عن شجاعة وجسارة فارسه. 
ولم يتوقف الحديث عن شخصيته حتى بعد قرنين من رحيله، حيث ظل مركز الولع الفرنسي، فهو أحياناً «الصقر» ذو الاستراتيجية اللامعة، وأحيانا المحارب «الغول» كاره النساء، ومعيد العبودية بعد أن ألغتها الثورة عام 1794، ليظل شخصية محيّرة في تاريخ فرنسا والعالم.