إن الخوف من الله تعالى وخشيته من أهم الأسباب التي تحث العباد على طاعته ومراقبته والقيام بأمره، قال الله عز وجل: (... وَإِيَّيَ فَارْهَبُونِ)، «سورة البقرة: الآية 40»، وقال تعالى: (... وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ  وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ)، «سورة آل عمران: الآية 28»، وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ)، «سورة البروج: الآية 12»، وقال جلا جلاله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ  إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)، «سورة الحج: الآيات 1 - 2».
وقال عزّ وجل: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)، «سورة الرحمن: الآية 46»، وعن أنس رضي الله عنه، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط، قال: «لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً»، (متفق عليه: صحيح البخاري (4621)، وصحيح مسلم (426).
وعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون؛ أطت السماء وحق لها أن تَئِطَّ؛ ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله؛ لوددت أني كنت شجرة تعضد»، (سنن الترمذي 2312).
وعن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ فينفخ، فكأن ذلك ثقل على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: «قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا»، (سنن الترمذي 2431).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة»، (سنن الترمذي 2450).
وقد حذر الله العباد نفسه، وأمر بخشيته، وأخبرهم أن بطشه شديد، وأخذه أليم، وأنه سيجمعهم مع الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم، وذلك يوم مشهود، حفاة عُراة غُرلاً، في صعيد واحد قياماً لرب العالمين، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، القلوب واجفة، والأبصار خاشعة، والخلائق فزعة، قد أحاط الهول بهم، فتصل القلوب الحناجر، وتنقطع الأصوات فلا تسمع إلا همساً، ويشتغل كل امرئ بما فيه، ويفر من أمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، ويجيء الرب جلا جلاله لفصل القضاء بين العباد، ويناديهم: لمن الملك اليوم؟ فلا مجيب إلا الرب جلا جلاله، فيا عباد الله! اتقوا الله في الدنيا يقيكم عذابه في الآخرة، ويدخلكم جنته. وخوف الله في الدنيا يقتضي إحسان العمل، والمسارعة إليه.
ووجوب الخوف من الله تعالى، والاستعداد للقائه، لأن من خاف الله في الدنيا أمَّنهُ الله في الآخرة، والخوف حاجز بين العبد والمعاصي، ومن خاف الله، ونهى نفسه عن هواها، دخل الجنة، وخوف الله دافع للعمل الصالح، فمن أوقعه الخوف في القنوط فترك العمل، فخوفه مذموم.