ساسي جليل (تونس)

المسيرة الإيجابية في الحياة تصنع بالعزيمة، وترتقي بالفعل الجاد والإضافة النوعية من خلال الاندماج والمساهمة والامتزاج التلقائي بالمجتمع، وتجاوز كل المعوقات. في هذه المساحة نستعرض سيرة حياة كُتاب وفنانين ومبدعين من أصحاب الهمم، ارتبطت أسماؤهم بتجاوز العوائق والقدرة على التفوق والتألق.
ولد البحّار البرتغالي «فرناندو ماجلان» عام 1480 في أسرة نبيلة، ودخل البلاط الملكي لتعلّم الرّياضيّات والملاحة وكان يحلم بالسّفر والاكتشافات.
هو قائد ومستكشف برتغالي ولد في سبروزا في شمال البرتغال، ثم نال بعد ذلك الهوية الإسبانية نتيجة لخدمته للملك الإسباني كارلوس السادس في الإبحار غرباً بحثاً عن طريق إلى جزر التوابل (وهي جزر الملوك في إندونيسيا).
تعتبر رحلة ماجلان خلال السنوات 1519-1522 هي أول حملة بحرية عبرت المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ (وقد أسماها ماجلان بالبحر الهادئ، وقد مر خلال خروجه من الأطلسي بمضيق أسماه مضيق ماجلان)، وهو قائد أول رحلة دارت حول الكرة الأرضية، وإن كان ماجلان نفسه لم يتمكن من إتمام الرحلة، حيث قتل من قبل الملك الفلبيني المسلم «لابو لابو» في معركة ماكتان بالفلبين، ومع ذلك فإن ماجلان يعتبر أول من أتم نصف دورة للكرة الأرضية عند وصوله شبه جزيرة ملايو. 
ومن ضمن 237 بحاراً في خمس سفن كانوا من ضمن الحملة، لم يرجع إلى إسبانيا إلا 18 شخصاً أتموا دورتهم حول الكرة الأرضية، وكان ذلك عام 1522، تحت قيادة الملاح الباسكي خوان سباستيان إلكانو والذي استلم دفة قيادة الحملة الاستكشافية بعد مقتل ماجلان، ثم وصل 17 شخصاً إلى إسبانيا لاحقاً: 12 أسرهم البرتغاليون في الرأس الأخضر ما بين عام 1525 و1527 وخمسة ناجين من السفينة ترينداد. وقد سمى ماجلان بعض أنواع البطريق اسم البطريق الماجلاني، حيث كان أول أوروبي رآه، وهناك أيضاً سحابة ماجلان وهي من المجرات القزمية القريبة.
ولم تمنعه إصابته بالعرج في قتال اشترك فيه ماجلان أثناء رحلة إلى المغرب من العودة إلى البرتغال يحمل حلماً كبيراً إلى ملكها «مانويل الأول» وهو اكتشاف طريق بحريّة تنطلق من أوروبا لتعبر المحيط الأطلسي نحو جنوبه ثم تنعطف شمالاً لتجد الهند، غير أنّ ملك البرتغال رفض الفكرة واتهمه بالتآمر مع العرب فغضب ماجلّان فتركه إلى ملك إسبانيا الّذي رحبّ بالمشروع وأعدّ له العدّة من رجال ومؤونة وذخيرة على أسطول كبير، ووعده بخمس الغنيمة بعد تنفيذ المهمة، وعقب محاولات فاشلة من المؤامرات والدّسائس من طرف جواسيس ملك البرتغال وقيامهم بعمليّات إتلاف وحرق وتخريب واغتيال، أسقطت صديقه الفلكي «فاليرو» إلاّ أنّ الرحلة بدأت وكان الإقلاع في عام 1519 من الميناء الإسباني «سانلوركا» وكانت سفينة «ترينيداد» بقيادة ماجلّان.
سارت القافلة في طريق مستقيم يحاذي ساحل البرازيل حتى وصلت إلى أميركا الجنوبيّة وبدأت المتاعب للخروج من الجنوب الخطير، فتكسّرت سفن عدّة عند عبورها المنحنى الجنوبي الغربي حتى توصّل هذا المكتشف إلى العثور على مضيق محدّد يؤمّن المسير إلى الناحية الغربيّة وسمّي باسمه «مضيق ماجلّان» بعد خسائر في الأرواح والسّفن والمؤونة، وبعدها تمّ الوصول إلى جزيرة أسموها «بوكابوكا» حيث استقبلهم السكان الأصليّون بالحفاوة والتّرحاب غير أنّ الحملات التنصيريّة على الجزر قوبلت بالرّفض وقتل بسببها القائد ماجلّان سنة 1521 ففرّ بقية الطّاقم بعيداً عن «الفليبين».
ولم ينج من هذه الرّحلة سوى سفينة واحدة هي «فكتوريا» وعلى متنها 41 بحارّا استطاعوا العودة إلى إشبيليّة، ليتحقّق بذلك حلم الدّوران حول العالم للمرة الأوّلى بفضل صاحب المشروع «ماجلان»، والّذي لم يقطف ثمار عمله.