عقدت «هيئة الشارقة للكتاب» ضمن فعاليات معرض «كلمات من الشرق» الذي تنظمه بمقرها حتى 3 مايو المقبل، ندوة ثقافية بعنوان «مستقبل المخطوطات» استضافت خلالها معالي الدكتور علي بن إبراهيم النملة وزير العمل والشؤون الاجتماعية السعودي الأسبق، والباحث والكاتب الإماراتي الدكتور أحمد محمد عبيد، لمناقشة راهن المخطوطات ومستقبلها والتحديات التي تواجهها والسبل المتاحة لدراستها.

وقال معالي الدكتور علي النملة خلال الجلسة التي حضرها أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، إن عالم المخطوطات محيط من العلوم كتب بخطّ اليد، والمخطوطات علم قائم بحدّ ذاته يدرّس في أقسام المكتبات والمعلومات، ويمكن تلخيص حال المخطوط بثلاث حالات رئيسية هي الحفظ والتهجير الذي غالباً ما كان إلى الغرب وثالثاً الإتلاف.

وأضاف أن لدينا مئات الآلاف من المخطوطات التي تحظى بقدر جيد من العناية في مراكز بحوث ومكتبات عربية وغيرها، وكثيرة هي النوادر التي كتبت بخطّ اليد إبّان الحواضر الإسلامية، وكان لها مراكز للوراق، إذ أن بغداد وحدها كانت تحتضن 100 حانوت من حوانيت الورّاقين، ولم تتخصص هذه الحوانيت بالنسخ فقط، بل كانت ملتقيات أدبية شهدت حضور المتنبي والأصمعي وغيرهما. وحول تهجير المخطوطات، قال: إن تهجير المخطوطات ظاهرة صاحبت المخطوط العربي والإسلامي والشرقي بوجه عام وبلغاته المختلفة، وأسهمت فيها جهات كثيرة أخذت المخطوطات من الشرق إلى أوروبا، إلى جانب ما ساهم به تجار المخطوطات والرحالة.

وأضاف أن الأهم من استرداد الأصل الذي لا توجد اتفاقيات وأعراف دولية حوله هو الحفاظ على المحتوى واستعادته، وهناك الكثير من المخطوطات التي لا نعلم حقيقة إن كانت أصلية أم لا إلا بالعودة إلى الصفحات الأخيرة من المخطوط.

ومن جانبه، قال الباحث والكاتب الإماراتي الدكتور أحمد محمد عبيد: إن هناك نوعاً من التهيّب لدى الكثير من الجمهور والمتعلمين والمتخصصين عند التكلم عن المخطوطات، باعتبار أنهم ينظرون للمخطوط على أنه كتاب قادم من عالم الماضي كتب بخطّ اليدّ ولا يمكن قراءته إلا من قبل أشخاص متخصصين، وهذه فكرة عامة ولكنها بدأت في التلاشي لدى الكثير ممن بدأوا بمطالعة المخطوطات واقتربوا من عالمها، فيما ساهمت المعارض التي يحضرها الكثيرون من المهتمين وغير المختصين في جعل فكرة التهيّب تختفي شيئاً فشيئاً. وعن التحديات الخاصة بالمستقبل وتأثير التكنولوجيا على المخطوطات، أوضح أن «لكل علم تحديات.. وتحديات المخطوطات تتلخّص في انصراف الكثير من المحققين إلى جوانب أخرى بسبب عدم وجود عائد مادي للتحقيق الذي يتخذه مصدراً لرزقه، كما أن بعض الجامعات لا تعتبر التحقيق جزءاً من متطلبات الحصول على شهادات الماجستير أو الدكتوراه، ولكن علينا أن نعترف بجهود كبيرة يقوم بها مختصون لتوفير مخطوطات للباحثين على شبكة الإنترنت وغيرها من وسائل التواصل، لتكون متاحة بشكل محكم وسهل الوصول.

وقال أحمد بن ركاض العامري، في تصريح خاص لوكالة أنباء الإمارات «وام» عقب الجلسة، إن معرض «كلمات من الشرق» يجسد رؤى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تؤكد أهمية ارتباطنا بتاريخنا وحضارتنا وثقافتنا وفكرنا من خلال ما يضمه المعرض من الكتب المتميزة والفريدة والمخطوطات النادرة جداً التي تجاوزت قيمتها 60 مليون درهم، من ضمنها مصاحف قرآنية نادرة تعود لقرون مختلفة، إلى جانب كتب في العلوم والأدب والشعر، إضافة إلى أقدم صورة لمكة المكرمة وصور أخرى لإمارة الشارقة تعود لفترة الأربعينيات من القرن الماضي.

وأضاف ابن ركاض أن معرض «كلمات من الشرق» يعتبر نواة لمعارض مهمة تهتم بصناعة المخطوطات و«الأنتيك» والكتب النادرة، ويجسد المشروع الحضاري الكبير الذي من خلاله تتطلع إمارة الشارقة لأن تتبوأ مكانة مهمة في صناعة وبيع المخطوطات على مستوى العالم.. مؤكداً أن المعرض يستهدف فئات المجتمع كافة.