فاطمة عطفة (أبوظبي) - احتفاء بشهر القراءة، وبالتعاون مع مشروع «كلمة»، نظم أمس صالون «الملتقى الأدبي» جلسة افتراضية لمناقشة المجموعة القصصية «الدروب الظليلة» للكاتب الروسي الكبير إيفان بونين مع د. أماني فؤاد أستاذة النقد في أكاديمية الفنون بالقاهرة، وأدارت جلسة الحوار أسماء صديق المطوع مؤسسة الملتقى، مرحبة بالأستاذة الناقدة، وأشارت إلى أن بونين حاصل على جائزة نوبل 1933، والكتاب من ترجمة د. عبدالله حبه. وأضافت أن قصص الكتاب تأخذ القارئ إلى عوالم الطبيعة في روسيا، وحياة النبلاء من خلال عدد من الشخصيات تمثل الحب والفراق. كما تظهر المجموعة ثقافة الكاتب الواسعة وتأثره بالشرق وشغفه به. ويبين سياق الأحداث في القصص الجانب الروحي والوجداني في تجربة بونين الأدبية.
وتحدثت د. أماني فؤاد فقدمت، برؤية أدبية عميقة وإيجاز مكثف، لمحة سريعة عن المراحل التي مر بها الأدب الروسي منذ بداياته سنة 988 وحتى الوقت الحاضر، ثم توقفت مطولاً مع إيفان بونين ومجموعته القصصية «الدروب الظليلة»، مبينة أن الكاتب يتناول موضوع الحب في جميع هذه القصيص، وتحديداً الحب المأساوي الفاجع في أغلب الأحوال، وكأن خيال بونين يلتقط لحظة درامية فاصلة من الحياة تومض بحالة جميلة زاهية من المحبة والأنس والجمال، ولكنها سرعان ما تنطفئ لسبب قاهر ومفاجئ لا مجال لدفعه والخلاص منه، وكأن الحظ أراد لأبطاله جميعاً ألا يكتمل لهم هذا الحب، ولا ينعم العاشق أو المحبوبة بالسعادة واستكمال محبتهما ببناء أسرة سعيدة هانئة.
وتابعت د. فؤاد أن معظم القصص نراها في إطار طبيعي جميل، وأحياناً عاصف بالأمطار أو الثلوج، إضافة إلى أن الشخوص غالباً ما يكونون في حالة سفر، أو في فنادق أو بيوت مستأجرة، وكأنهم يعيشون لحظات عابرة من حياتهم. وتلك هي أهم عناصر القصة القصيرة المحصورة بوقت قصير وشخصيات قليلة في لحظة درامية حاسمة، حيث نرى أبطال القصة رجلاً وامرأتين أو رجلين وامرأة، وكأن اللقاء يتم على مفترق دروب أو في محطة قطار، في مطعم أو مرسم أو حديقة. والكاتب الذي هاجر إلى فرنسا عام 1918 وعاش فيها حتى وفاته في 1953، لم يكتب إلا باللغة الروسية، لغته الأم. ورغم إعجاب الرسام في إحدى قصصه بربيع باريس، فهو يؤكد لصديقه البحار، أنه كان يفكر بربيع أوديسا، تأكيداً على محبته لبلاده وتعلقه بها. وهو يمتاز بأسلوب شاعري جميل، وينهي قصته فجأة في لحظة قلقة وحركة درامية غير متوقعة، تاركاً لكل قارئ أن يتصور النهاية حسب ثقافته وتجربته في الحياة، وتعد مشاركة القارئ من أهم سمات الإبداع في الأعمال القصصية والروائية المعاصرة.