أبوظبي (الاتحاد)
أشاد الموسيقي جوردان رودس، الذي يُعد من أفضل عازفي لوحة المفاتيح، والعازف المتعدد الآلات لفرقة موسيقى الروك «دريم ثيتر»، باللحظة التي انطلق فيها جهاز الـ«آي فون» في نسخته الأولى، والبدء بتحريك أصابعه على الشاشة الذكية، محاولاً البحث عن طريقة لتنفيذ فكرة موسيقية عبر الجهاز، وتحويل إبداعه من تعاطٍ فردي إلى مشاركة جماعية.
جاء ذلك خلال حديثه في جلسة نقاشية جمعت العديد من خبراء الموسيقى، ضمن برنامج «القمة الثقافية - أبوظبي 2021»، بعنوان «ماذا تعلمنا العقول الموسيقية عن الابتكار؟»، واللافت كما أشار رودس، ما توفره الموسيقى والتكنولوجيا من فضاء للعمل مع مجموعة من الناس، لإنتاج حالة إبداعية، تتجاوز الفرد نفسه، وبالنسبة له فإن الأمر فتح له احتمالات وخيارات واسعة لم يكن يتخيلها، معتبراً أن الموسيقيين والمبدعين عموماً عبر شغفهم المتواصل يحققون تغير أفضل لمجتمعاتهم، ويملكون إحداث حالة من التداخل بين مجموعة من الناس على مستوى العلاقات التي تبنى في العملية الإبداعية نفسها، قائلاً: «عندما بدأت العمل على التطبيق الموسيقي، قبل 14 عاماً تقريباً، لم يخبرني أحد البتة عن السوق، فما جعلني أتحرك هو شغفي، إلى جانب الفرص المتاحة في الوقت الحالي من قدرة الأشخاص على بناء أي شيء بمساعدة مجموعة من الناس». وقد حقق تطبيق موسيقي ذكي لرودس، مبيعات مهمة كونه الأفضل، ما يعود به إلى ملاحظة أن الإبداع تحرك بشكل عفوي نحو عمل تجاري.
تساؤلات
وقد طرح بانوس إيه باناي نائب أول لرئيس الاستراتيجية العالمية والابتكار، كلية بيركلي للموسيقى، خلال الجلسة، تساؤلات حول أبعاد التلاقي بين الفعل الإبداعي نفسه، بالتوازي مع تحويله إلى عمل تجاري.
وجاءت رؤية سكوت بيج، خبير تكنولوجي ورائد أعمال وعضو سابق في فرقة الروك «بينك فلويد»، للتركيز الدقيق على عالم الأعمال التجارية، موضحاً أنها بحد ذاتها تعد عملاً إبداعياً، وعلينا السعي إليها بشكل مذهل للجمع بينها وبين حالة الإنتاج الإبداعي نفسه، مؤكداً أنه مهتم بالاطلاع على النماذج الناجحة في ريادة الأعمال الإبداعية، وأنه لا يذهب إلى عمل شيء، دون أن يتأكد من أن هناك سوقاً له.
متعة وشغف
وتحدث الفنان والعازف جيل دور عن المتعة، والتي بمقدورها تشكل شعوراً قوياً عبر الموسيقى، مبيناً أنه عند اختيارهم لفنانين يعزفون، فإن الموافقة عليهم ترتكز على الطريقة التي يستطيع فيها التعامل مع لحظة عزفه بمشاركة العازفين الآخرين، وهي نفسها الطريقة التي قد تتسبب في رفضه، ففي عالم الأعمال الموسيقية، يدخل ذلك التمازج ويؤثر في مستوى التعاونات، إضافة إلى الحب والشغف اللذين يعدان محركات استثنائية لكل تجربة إبداعية، وفي نهاية الرحلة، تأتي اللحظة الحاسمة، تلك التي يجني فيها العازف نتاج متعته، ونجاحه في تعاون موسيقي، بأن يحصل على المال، سواء المباشر أو عن طريق الإنتاجات الإبداعية بمختلف أشكالها.
جودة ومهارة
وقد التقت الفنانة والعازفة أخينوعم نيني، مع جيل دور، في ذلك الحدس القوي، الذي يشكل قلب العملية الإبداعية، بقولها «أريد توضيح رؤيتي للأعمال الموسيقية، من خلال إدارتنا لأعمالنا، والقائمة على إيماننا بالناس، الذين نعمل معهم لفترات طويلة، خصوصاً إذا لاحظنا جودة ومهارة الأشخاص، فإننا نسعى للحفاظ عليهم، مع إتاحة مساحات لتطوير مهاراتهم، حتى وإن كنا نعلم أنهم سيستقلون مع الوقت، كما أن التفكير في المال لا ينطلق من سؤال مباشر، وإنما من قيمة عميقة نضيفها عبر الأعمال الإبداعية، التي تعمل بشكل رائع على تحريك التمويل باتجاهنا».