محمود إسماعيل بدر (أبوظبي)
يندرج متحف دبي الذي أنشئ عام 1787 داخل حصن الفهيدي، ثم أعيد افتتاحه رسمياً بعد ترميمه عام 1971، والذي يعدّ اليوم واحداً من أقدم المباني في الإمارات، تحت مظلة واجهة عالمية للسياحة التراثية، وعند زيارتك لهذا المكان العريق ستكتشف على الفور أنك أمام كنوز تراثية وثقافية تحكي قصة نجاح هذه الإمارة الفتية، بدءاً من الاطلاع على نمط الحياة القديمة وتصاميم البيوت والأسواق القديمة والمساجد، إلى القاعات المخصصة لعرض القطع الأثرية والأسلحة، إلى تسليط الضوء على فترة استخراج اللؤلؤ، يوم أن كانت المهن والحياة البحرية هي السجل الحافل الذي يعكس نمط حياة المكابدة، وصولاً إلى الصور والمقتنيات التي تبرز نهضة دبي وتطورها وحضورها كواجهة ثقافية واقتصادية لا تضاهى، حتى حازت لقب «دبي سنغافورة العرب».
قبلة سياحية
يستمد متحف دبي أهميته ومكانته من موقعه داخل حصن الفهيدي، الذي كان في تصميمه الفريد على طرز العمارة المحلية والإسلامية، حصناً دفاعياً وترسانة للأسلحة، قبل أن يتم تجديده وتأهيله في عهد المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم «طيب الله ثراه»، ثم لمحتوياته التي تعرّف الزوار والسياح على تاريخ دبي العريق، فهنا تجد العديد من المعارض الفنية التي تصوّر البيوت العربية القديمة والمساجد والأسواق وأنماط من الحياة الصحراوية والبرية والبحرية، بجانب عرض قطع أثرية نادرة تعود بتاريخها لعام 3000 قبل الميلاد، مما جعله قبلة سياحية، وتجسيد صارخ لتراث المدينة الثقافي، ليكون في نهاية المطاف واحداً من أهم المحطات التي لا غنى عنها لجميع الزوار والسياح من مختلف أرجاء العالم.
روح التراث
يطل «متحف دبي» من قلب المدينة الساحرة والتي تجتمع فيها الحضارة مع التاريخ، فغير جمال المشاهدة للزوايا والقاعات التي تم تصميمها وفق روح تراثية خلاّقة، فإن المدرك البصري للزائر سيحظى بمتعة مشاهد الحرفيين التقليديين أثناء قيامهم بأعمالهم التي تعكس المحافظة على المهن والحرف القديمة التي كان يمارسها سكان دبي في مرحلة قبل اكتشاف النفط، ثم تلك الرحلة المشوّقة التي تأخذنا إلى تعريف بالمدارس الإسلامية القديمة، ومزارع التّمور، ومشاهد الغوص لاستخراج اللؤلؤ، عبر رحلات الغوص التي كانت تمتد لأشهر، كانت تؤثث لحياة المجتمع البحري القديم، بما يحيوه من ثقافة ومجالس.
صمود وكفاح
في منطقة خور دبي في الجهة الجنوبية، يربض متحف دبي بتراثه الغني، حيث يمكننا القول إنه من أهم النوافذ المطلة على تاريخ هذه الإمارة التي تتطلع إلى مستقبل باهر، وتغذ الخطى برؤيتها المستقبلية نحو اقتصاد المعرفة، ولهذا يعتبر هذا المتحف اليوم فرصة ثمينة للزائر للاطلاع على التاريخ في أبهى صوره، وعلى صمود وكفاح الإنسان الإماراتي عبر مراحل من التحديات، فهنا ومن خلال عشرات القاعات التي تتضمن القطع الأثرية النادرة، والعينات الأصلية، واللوحات والنماذج التوضيحية، والمواد الصوتية والضوئية في مختلف الأجنحة والأركان التي تم توزيعها وفق إحداثيات أرقى المتاحف العالمية، يمكننا الوقوف على نبذة غنية ووافية ومتكاملة عن تاريخ دبي الضارب في العراقة والقدم، والمتواصل مع مختلف الشعوب والحضارات والثقافات والأديان على مر التاريخ، ويمكننا أيضاً التعرف على المصنوعات اليدويّة القادمة من أفريقيا وآسيا، ورؤية ما عُثر عليه محلياً من خلال عمليات الحفر المتعددة التي تعود إلى ما قبل الميلاد.