محمد عبد السميع (الشارقة)
لأنّ الفنّ التشكيلي ثقافة، وهو مؤثّر قوي في الناس، يلفت انتباههم وهم يمرّون بجانب جدار أو مدرسة أو مبنى يتزيّن بالرسومات، فإنّ الفنانة التشكيليّة الإماراتيّة فاطمة الحمادي تؤمن كثيراً بقيمة اللوحة «الجرافيتيّة» في إشاعة الفرح والسلوك الحضاري ورسم البسمة ونشر هذا الفن في مختلف المواقع والشوارع والساحات العامّة، ولذلك فهي مثال للفنانة التي لم تكتفِ بالموهبة، بل زادت عليها أن درست في جامعة الإمارات، وتخرّجت لتكون معلّمةً في مجال التشكيل بمدارس الشارقة مدّة 16 عاماً، ثم موجّهةً في هذا الحقل منذ خمس سنوات، لتؤثر في طلابها وفي المدارس قناعة بأنّ الفن تجليات إبداعيّة وللفنان أن يسلك الأسلوب الذي يريد. هذا مع ميلها إلى الفن التجريدي وترك المشاهد يشارك في تفسير اللوحة دون غموض، إذ تعتمد البساطة والحروفيّات والخطّ العربي لإبراز الأفكار التي تودّ بثّها للجميع فيما عُرف بالفن «الجرافيتي»، مؤكّدةً أنّه مجال إبداعي متاح لكلّ العالم، وليس فنّاً أجنبيّاً فقط كما يُشاع.
الفن رسالة
والفنانة فاطمة الحمادي، التي أثمر جهدها في مراحل ثلاث: الوظيفة، وتعليم الفنون البصريّة، وتوجيه المعلمين في هذا المجال، ثمّ التأليف لمناهج الفنون البصريّة في وزارة التربية والتعليم في الدولة، تثق بقدرة الشباب الإماراتي على نقل ثقافتهم وفكرهم ومنهجهم الحياتي إلى العالم عن طريق الفن، ومنه فنّ الجرافيتي، اعتماداً على ما للفن من رسالة إنسانية راقية ودرجة تلقٍّ كبيرة لكلّ البشريّة، خصوصاً أنّ هذا الفنّ يحمل ما نعيشه من أحداث ويتفاعل مع قضايا نؤمن بها ونوثّقها ونشترك فيها مع الناس في مواقعهم، وهو إضافة مهمّة إلى الصالات والجاليريهات المغلقة التي تقتصر عادةً على الفنانين والنخبويين.
جماليّة الخطّ
وتعتمد الحمادي على جماليّة الخطّ العربي وحروفه في التعبير عن الفكرة، مؤكّدةً أهميّة صقل الموهبة، إذ تتلمذت على فنانين كبار ومحترفين، فتأكّد لديها شغفها ومعرفتها بخصوصيّات المواد والخامات والألوان المائيّة والإكريليك وتجاور الحروف لتكوين لوحة ضاجّة بالحركة والحياة. وتؤمن الحمادي بأنّ رسم الجداريّات ليس أمراً هيّناً ويحتاج إلى مقوّمات وعناصر تتأتّى بالممارسة والتصوّر المسبق ومراعاة فهم الجمهور وجذبه باللون واكتمال العناصر التي يحتفظ بها الناس في مشاهدتهم ووقوفهم عند مرامي وتفاصيل هذه الجداريّات.
«تناغم» و«حلم»
وعلاوةً على ما للفن من دور في نشر الثقافة والأفكار الإنسانيّة، تؤكّد الحمادي أيضاً الأثر الكبير الذي تتركه اللوحة التشكيلية لدى الناس، في التخفيف من القلق والتوتّر والتعب النفسي، ولذلك تبدو عناوين أعمالها مؤيّدةً لرؤيتها، مثل «تناغم»، و«حلم»، وهي تحترم دورها الفني في أنّها محاورة جيّدة للطبيعة ومفرداتها من خلال اللوحة، فالطبيعة كما ترى هي مؤثّر جمالي يمنحنا الهدوء والراحة وتُستخدم عبر الفن في التخفيف من مشاق حياة الإنسان وتوتّر أعصابه، متمثّلةً بالبحر والجبال والرمال والأشجار والسماء في امتصاصها لحالات التوتّر والقلق والهموم والروتين والشعور بالملل.