محمد نجيم (الرباط)
نظمت دار الشعر في مراكش، ندوة في رحاب كلية اللغة العربية بمراكش، بمشاركة نخبة من الباحثين والنقاد لمقاربة حضور المدينة كمكون رمزي وجمالي في شعر الشاعر المغربي الراحل أحمد المجاطي (1936- 1995) الذي يعتبر من أبرز الأصوات المؤسسة للحداثة الشعرية في المغرب، كون المدينة تعتبر من أهم مُكونات النص الشعري لدى المجاطي، كما لدى عدد آخر من شعراء الحداثة الشعرية العربية أمثال: صلاح عبد الصبور، وأحمد عبد المعطي حجازي، وبدر شاكر السياب وغيرهم من مبدعين.
وفي محاضرة بالمناسبة للناقد الباحث محمد الصالحي تحت عنوان: «المدينة في شعر أحمد المجاطي» قارب حضور المدينة كمكون أساسي في شعره، مشيراً إلى أن لتيمة المكان الحضور القوي والإيقوني اللافت في المدونة الشعرية، قديماً وحديثاً عربياً وغربياً، إلا أن الدرس الفلسفي والأنثروبولوجي، بالخصوص إلى جانب الاغتراب العارم الذي عاشته الإنسانية، دفع بالمكان إلى الصفوف الأمامية، تيمة ورمزاً من المكونات النصية. ومن إليوت إلى إزرا باوند والسياب والبياتي ودرويش وأدونيس، مؤكداً أن قصيدة هذا الأخير «مجاز وسبعة أبواب» من أرقى ما كتب عن مراكش في الشعر العربي.
وأكد الصالحي أن الناظر في شعر المجاطي «سيلاحظ حضور المكان كملمح أسلوبي ضمن ملامح بينة واضحة، تطفو على جسد النص، كسيادة الجملة الفعلية وطغيان النعوت، وانطلاقاً من العنوان يحضر المكان». أما على مستوى النصوص، فالأمكنة حاضرة بقوة ولا تحجب عن عين القارئ، إذ تنطوي على عدد لافت بأسماء المدن المغربية، وهو ما يجعل الوقوف عند دلالة المكان ضرورياً، وليس المكان المدينة فقط هو التيمة اللافتة في شعر المجاطي، فهناك تيمات أخرى أيضاً مهيمنة، وموضوعات تتحدر من الشعرية العربية (الموقف من الزمن، الموت، الحب، والمجتمع).
وأوضح الباحث أن قصيدة المجاطي «تشاكل رمزية المدينة، وتمتاح من ذات المرجعيات التي توسلتها القصيدة التموزية» مبرزاً أن دراسة رمزية المدينة، في أعمال هذا الشاعر، يتطلب ضرورة الوقوف عند دور التيمة في تجسيد استراتيجية الإيقاع، بما هو العين التي يرى بها القارئ النص.