نوف الموسى (دبي)
«أنا تاجرٌ استهواه الشعر»، تعبير لرجل الأعمال والشاعر الراحل سلطان بن علي العويس، يعكس أبعاد تجربته الثقافية، التي تحدث عنها الأديب محمد المر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، خلال احتفاء ندوة الثقافة والعلوم بدبي، بمرور 21 عاماً على حضور العويس في الفضاء الثقافي المحلي والعربي.
وقال المر إن تجربة العويس الثقافية قائمة على فهم متكامل لأثر المشروع الثقافي المؤسسي، موضحاً أن العويس يعتبر رائداً في الوقف الثقافي، حيث ترك نحو 100 مليون دولار وقفاً لمؤسسته الثقافية فقط.
وتضمن الاحتفاء قراءة بحثية للتجربة الشعرية بشقيها الفصيح والنبطي للراحل سلطان العويس، بمشاركة الأديب سلطان العميمي، مدير أكاديمية الشعر العربي، الذي أكد أن اللحظة هي المحرك العميق لولادة القصيدة لدى العويس، وبالأخص تلك اللغة الحاضرة في ذاته بتأثير من المكان والأشخاص، وأطلع العميمي جمهور الندوة على قصائد نبطية نادرة نظمها الراحل انطلاقاً من تأملاته في الحياة اليومية، ويجهلها المقربون منه.
التفهم والانفتاح للأفكار الجديدة، أبرز ما يميز فكر الراحل سلطان بن علي العويس، بحسب ما أوضحه الأديب محمد المر، قائلاً حول ذلك: «عندما اقترحنا عليه فكرة الجائزة الأدبية، ومؤسسته الثقافية، وتأسيس ندوة الثقافة والعلوم، كان متقبلاً جداً لها، بالمقابل هناك العديد من التجار ورجال الأعمال وقتها، كانوا يرون العمل الخيري في بناء المساجد وحفر الآبار وغيرها، وهو عمل إنساني نبيل، ولكن إمكانية إقناعهم بإنشاء مؤسسة خيرية ثقافية معنية بتنظيم محاضرات وإقامة معارض فنية، يكاد يكون صعباً»، وتابع المر بأنهم اقترحوا على العويس أهمية أن يكون هناك وقف، لضمان استمرارية المؤسسات والمشاريع الثقافية، بأن يترك لها أسهماً وأموالاً في البنوك، تبقى بعد رحيله، كذلك أهمية وجود مقر للمؤسسات، إلى جانب مجلس إدارة يتكون من شخصيات عدة، لها خلفيات ثقافية وأدبية وفنية وتجارية مهتمة بالثقافة، توجه تلك المؤسسات وتضع لها سياسات، وما كان لسلطان العويس إلا أن يحقق هذا الإنجاز، الذي لا يزال تأثيره واضحاً ومستمراً في الحراك الثقافي المحلي والعربي.
سرد الأديب محمد المر، تفاصيل المجالس الثقافية المفتوحة لـ سلطان العويس، والتي كان يستقبل فيها المفكرين والمثقفين والمبدعين من مختلف الدول العربية. وفيما يتعلق بالشعر، أوضح المر أن سلطان كان منفتحاً على مختلف الأشكال الشعرية، في الوقت الذي كان يبدي فيه بعض الأشخاص من المدرسة المحافظة، رفضهم لشعر التفعيلة وقصيدة النثر، فهو كان يراه شكلاً إبداعياً قد نفهم بعضه، وقد لا نفهم بعضه الآخر، وأنه إذا كان إبداعاً سيصمد مع الزمن، وأما إذا كان غير ذلك فسيسقط.
استمراراً لحالة التجربة الشعرية المرتبطة بقصائد سلطان العويس، أشار سلطان العميمي إلى حالة الاحتفاء بالحياة لدى سلطان العويس، والتي في عمومها تتشكل عبر اللحظة، إلا أنه بحسب العميمي لم يكرس نفسه لمشروعه الشعري، وهذا بالطبع لا يعيبه، ومع ذلك فقد استطاع من خلال تلك الومضات الشعرية، التي قد تكون بين البيتين والـ 4 أبيات شعرية، أن يكتفي بتصوير الحالة الشعرية، من خلال اللقاء بشخص، أو معايشته لموقف أو حدث بعينه، عبر تكثيف المشاعر التي تحملها الأبيات على قلتها، وأضاف أنه بالاطلاع على ديوانه الشعري، فإنه يوثق في عدد غير قليل من القصائد تاريخ ومكان كتابة النص الشعري، ما يوضح مدى تأثره بالمكان واسترجاعه للحظة.
قدم سلطان العميمي، وصفاً لبعض مكونات اللحظة لدى الشاعر سلطان العويس، من بينها لغة الحوار بين الشاعر والأشخاص، من مثل التقاطه لمسألة اللهجات وكيفية التفاهم، وفي سياق حضور القصيدة النبطية، ذكر العميمي، قصيدة أطلعه عليها أحد أقارب الراحل من عائلة العويس، وأن سلطان العويس، نظمها في إحدى رحلاته، أثناء تأمله للطبقة الفقيرة في الهند، يقول فيها: «كلن مدبر حاله، باللقمة واللباس، والمغتني بأمواله عايش شرات الناس».