محمد نجيم (الرباط)
أتاح لنا متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، من خلال معرضه الذي أقيم مؤخراً، التعرف وتأمل أعمال تؤسس لبداية الفن التشكيلي في المغرب، فمعرض «من بن علي الرباطي إلى اليوم» هو معرض وحدث ثقافي استثنائي، لأنه يقدم لنا تلك الأعمال التي لا تقدر بثمن، وتملكها مؤسسات حكومية رسمية، من بينها أكاديمية المملكة المغربية ووزارة الثقافة والشباب والرياضة، وأعمال فنية تملكها المؤسسة الوطنية للمتاحف، التي تسهر وترعى المتاحف المغربية، وعلى رأسها متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر.
وخلال افتتاح هذا المعرض، قال الفنان مهدي قطبي: معرض «من علي الرباطي إلى اليوم» هو معرض يفتح أعيننا أمام أعمال فنية تنهل من غنى موروث المغرب التاريخي، كما يعرفنا على فترة مهمة من تاريخ المغرب المعاصر، وهي بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والتي عرف فيها المغرب تأسيس معهد الفنون الجميلة في مدينة تطوان والمدرسة الوطنية للفنون التشكيلية، التي تم افتتاحها منذ عقود في مدينة الدار البيضاء، ويقدم التطور الذي عرفه الفن بالمغرب منذ مطلع سنة 1950، فقد أعاد فنانون مغاربة، كما قال الأستاذ مهدي قطبي، تقييم العلاقة بالتقاليد مثل الجيلاني غرباوي وأحمد الشرقاوي وفريد بلكاهية، ومحمد شبعة، ومحمد المليحي وميلود لبيض».
واللافت في المعرض، أنه فرصة ذهبية سانحة تأمل أعمال أحد عمالقة الفن التشكيلي، ليس في المغرب فقط، بل حتى في العالم العربي، وهو الفنان محمد علي الرباطي، الذي رأى النور في مدينة الرباط سنة 1861، وعاش فترة من حياته في مدينة طنجة، قبل أن يتم تجنيده في الجيش الإسباني، خلال المدة الممتدة من 1925 إلى 1929.
فأعمال هذا الفنان، كما يقول الناقد الجمالي عز الدين بوركة، تعد تركة تاريخية مغربية تؤرخ لمرحلة مهمة في التاريخ المغربي الحديث، في بداية القرن العشرين، إذ ينقل بنعلي عبر لوحاته الزمن المعاصر له، بشكل مصقول ونظرة تحترم التقاليد، فهو المرتبط بتقاليده منذ أولى رسوماته. ترتكز رسوم ابن علي الرباطي، بالألوان المائية على الورق، على طنجة وقصبتها وسكانها، فلوحاته تصور شريحة واسعة من السكان المحليين، كما يخبرنا هوليدي باورز، وتظهر رجالاً متجمعين حول عازفي الموسيقى أو سحرة الثعابين، ودوائر رواة القصص في القصبة، كما تصف مشاهد في المقاهي والمهرجانات ودواخل المنازل الفخمة.