محمد عبدالسميع (الشارقة)

وتؤكّد الكاتبة شيماء المرزوقي أنّ للتنشئة الاجتماعية دوراً كبيراً في غرس حبّ اللغة والإخلاص لها والاستمتاع بكنوزها الأدبيّة في توصيل المعرفة، ناقلةً لـ«الاتحاد» تجربتها المبكّرة في دعم أسرتها لها لتكبر الموهبة اللغوية عن طريق المدرسة، ويُكلل كلّ ذلك في المرحلة الجامعيّة كثمرة لهذا الوفاء بالرغبة الحقيقيّة في الكتابة والتأليف، وهو ما حدا بها إلى أن تنضمّ إلى أكثر من ورشة متخصصة في القراءة والتأليف.
وتعتمد المرزوقي في ما تكتب على القراءة وتوسيع الثقافة وعدم إهمال نماذج الكتابة الإماراتية والعربية والتجارب العالمية في المادة الإبداعيّة التي تحاول أن يكون لها خطّها المستقلّ خلالها، مع عدم إنكارها لمسألة التأثير والتأثّر التي لا بدّ لأيّ كاتبٍ أن يسير فيها، فهي «تجارب مهمّة وملهمة وعميقة الأثر، وعلى الجيل الحالي ألا يهمل ما قدّمه كبار الكتاب في مختلف أرجاء العالم».

النقد والتوجيه
وفي المقابل، تهتمّ المرزوقي كثيراً بعملية النقد والتوجيه، كعمليّة لاحقة للعمل الأدبي، وهو ما يمنحنا الثقة والاطلاع ومحاولة تأسيس البصمة الحقيقيّة في ما نسعى إليه من منجز، فالناقد ضرورة لازمة للكاتب، نظراً لاطلاعه المستمر على أحدث النتاجات الأدبية وخبرته في التوجيه والنصح الذي يقدّمه للمبدعين، وخاصةً أصحاب التجارب الأولى في الكتابة. وفي هذا السياق توازن المرزوقي في تجربتها بين الاطلاع على الكتابات الأدبيّة والكتابات النقديّة في الوقت ذاته.
وحول محفزات نجاح الكاتب واستمراره في إبداعه، توضّح المرزوقي أنّ مقياس النجاح هو في الدأب والاستمرار ومحاولة الابتكار وتقديم المدهش وفرض البصمة التي تتأتّى بعد هضم الكاتب للمدارس الأدبيّة والنقديّة، وذلك ما تراه مفاتيح حيويّةً لأيّ مؤلف ينشد التقدّم أو يتوخّى الشّهرة. كما تحذّر المرزوقي من أن يستسلم الكاتب أو ييأس لأي ظرفٍ أو صعوبات تمرّ به، داعيةً إلى أن يكون لكلّ كاتب هاجسه الذي يبدع فيه ويتفرّد من خلاله، لأنّ الكاتب يجب ألا يقع في مصيدة أن يكون نسخةً طبق الأصل عن كثير من الكتّاب والأدباء الآخرين، فلكلٍّ منّا بصمته بطبيعة الحال، معتبرةً نفسها على خطى ثابتة في هذا المشوار الطويل.

صناعة الإبداع
وتؤكّد أنّ الساحة الثقافيّة الإماراتيّة ساحة غنيّة في مشهدها الأدبي الذي يتطوّر في حراك واضح، خاصةً في مجال النشّر الذي تأمل أن يتعزز نحو صناعة الإبداع، وفي هذا المجال تتحدث المرزوقي عن أهميّة دعم المطابع وتسهيل عملها، باعتبار الإمارات وجهاً مهمّاً في مجال هذه الصناعة ونموذجاً في الإبداع في المحتوى في كلٍّ من النشر الورقي والإلكتروني، وهو ما يستلزم أن نظلّ ندعم صناعة الكتاب الورقي في خضم هذا التقدم التكنولوجي الذي نعيش. 
وترى أنّ هذا الحراك الثقافي والإبداعي يتخلله بعض الإصدارات التي وصفتها بأنّها من الناحية الإبداعيّة «دون المستوى»، وهو ما يعود بنا إلى تأكيد دور النقد في استصفاء السمين من الغثّ، ويجعل الكتاب على إخلاص مستمر لنصوصهم، وتتوخى المرزوقي من النقد ألا يعمد إلى قتل المواهب أو تثبيط الجهود أو النيل من منتج الموهوبين والمبدعين.