فاطمة عطفة (أبوظبي)

يأتي معرض الفنان عبد الرحيم سالم، أحد رواد الحركة الفنية بالإمارات، تحت عنوان: «بين الصخب والسكينة»، في المجمع الثقافي التابع لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، ليقدم الفنان من خلاله أكثر من 50 عملاً تشكيلياً تنوعت بموضوعاتها لسرد القصص التعبيرية التي تظهرها اللوحات المشغولة على قماش الكانفاس، بأساليب وأفكار تجريدية وتصويرية جديدة تحمل حوارات فنية، فيها معاناة وانتظار وطيور وألوان داكنة تشير للحزن، ومقابل ذلك هناك اللون الأبيض والأسود اللذان شكلا بعض اللوحات.
 وفي حديثه لـ«الاتحاد»، قدم عبد الرحيم سالم شكره للقائمين على المعرض قائلاً: خالص تقديري للمجمع الثقافي الذي أشرف على تنظيم هذا المعرض ضمن سلسلة من المعارض، منها معرض الفنانين المخضرمين والناشئين، كما أشكرهم على إتاحة الفرصة لإقامة مثل هذا المعرض في هذا المكان الجميل وبهذا الحجم، طبعاً هذا تحدٍّ للجائحة وتأكيد على استمرارية الحياة، وأن الحياة لا تتوقف خاصة في مجال الفنون التشكيلية.
ويتابع الفنان سالم موضحاً أن الأعمال المعروضة في المعرض لا تشكل 10% من بقية الأعمال الموجودة في الاستديو عنده، وهذه الأعمال المشاركة هي صورة تعبر عن تجربته في تنويع مراحل مختلفة، منها أعمال جديدة وقديمة بما يعطي المشاهد لمحة عن تجربته، وكيف تطورت من مرحلة إلى مرحلة، وكيف تناول فيها الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، مشيراً إلى أن عرض هذه الأعمال سيظهر تنوعها من من خلال مشاهدات الزوار ومعرفتهم أكثر عن هذه التجربة الفنية.
وحول تنوع الأعمال، سواء بأحجام اللوحات أو تعدد المواضيع والزمن والألوان الداكنة أيضاً في أغلب اللوحات وما هي رمزيتها، أوضح الفنان سالم قائلاً: الألوان الداكنة هي إحساس لتجربة وليس لما في نفسي، والفنان الذي يرسم باللون الأسود لا يعني ذلك بالضرورة أنه حزين، أوكد أن هذا ليست له علاقة بهذا الجانب ولكنه لون قوي، وأن الأبيض والأسود من الألوان الصريحة من دون أي شك، على أساس أن الألوان يمكن أن تخدع في بعض الأحيان أو تقدم الغموض. ولكن الأسود واضح، ولذلك كانت ألواني في بعض المراحل وما زالت داكنة، لكنها تعيش مع الأسود. ولو عملنا خطاً أبيض يمتص اللون الذي يلامسه، لكان الأسود بالعكس يبرز اللون ويدفع اللون للخارج على أساس أن المشاهد يراه بشكل مختلف عن الأبيض. 

رمزية «مهيرة»
وأكد الفنان أن تعامله مع اللون ليس له علاقة بالحالة النفسية، ولكن له علاقة بالموضوع الذي يطرحه في رمزية قصة «مهيرة» من خلال رجل يصل بها للجنون، وهو يعاملها بمنتهى القسوة، مبيناً أنه منذ بداية التسعينيات وهو يشتغل على رمزية المرأة وجمالها، وكيف يمكن أن يتعامل معها الآخرون بقسوة، في حين أنها تستحق كل الجمال والرقة والإبداع، وهذه المزايا تعبر عنها الألوان والحوارات الموجودة باللوحات.
وحول فكرة الأسطورة أو الحكاية التراثية التي تناولت رمزيتها أعمال الفنان، أكد على أنه لا يكرر تجارب الفنانين الآخرين بأي شكل كان، ولكن له نظرة معينة تعبر عنها التجربة، قائلاً: حاولت أن أبحث في الكتب القديمة والتي لها علاقة بالسحر والأسطورة والحكايات إلى أن وصلت لمرحلة أن جدتي قالت لي: كانت هناك امرأة اسمها «مهيرة» في الشارقة وحصل لها أن رفضت الزواج من شخص، لكنه أشاع حولها حكايات أنها مسحورة، هذه القصة شكلت لي ألماً كبيراً وشعرت بعدها كأني محام أدافع عن هذه المرأة، وبنفس الوقت وجدت ضالتي في البحث عن أداة ورحت أتعاطى مع الموضوع المهم جداً، وأنا أتعاطى مع اللون والتكوين انطلاقاً من هذه الفكرة، لكن بحياة جديدة، وقد أضفت على إحدى اللوحات شكل هلال، وهو رمز للمرأة أريد أن تكون «مهيرة» موجودة في الرمز فقط كامرأة، ولكن ليس موضوعها هي، بمعنى أن «مهيرة» تشاركني في الواقع الذي أنا فيه، ولكن موضوعاتي خاصة برؤيتي الخاصة.

جانب التصوف
وحول تطور الفن في الإمارات قال: تعاطيت مع الفن المفاهيمي أو التركيبي، ولكن لم أجد نفسي فيه ولم أتمكن من أن أعطي إلا الشيء البسيط لهذا الجانب، ولكني أتعامل مع جانب التصوف الروحاني الوجداني الداخلي، بينما الآخر يعتمد على الفكرة، وهذا عالم يختلف عن الآخر، ولو كان باستطاعتي أن أدمج الاثنين معاً يكون هذا جميلاً. 
وعن متابعة الكتب الصوفية ومدى تأثيرها في تجربة الفنان عبد الرحيم سالم، أكد هذا قائلاً: إن قراءاتي للحلاج والسهروردي والكتب الصوفية تضيف إلى مفهومي وعملي الفني، بحيث أطرح الفكرة من هذا الجانب المهم جداً من المعرفة، عندما أقرأ عن التصوف أقرأ بشكل عام، غير أني لست متخصصاً في هذا الجانب، لكن أنفذ ما أحسه من خلال المفهوم العام.
وحول الانطلاقة القوية في تجربة الشباب الإماراتي وتميزهم في الفنون، أوضح الفنان سالم قائلاً: تذكرت أنه لم يكن أحد يستوعب تجربتنا بشكلها العام، الآن نرى تنافساً بين المؤسسات في بينالي الشارقة وأبوظبي ودبي والجاليرات الخاصة والأنشطة الفنية في تدريب الشباب من خلال ورش العمل التي تقام، نشأت قنوات كثيرة وهذه مفيدة للشباب، ولذلك نجد تنوعاً في تجربتهم وبمستوى عالٍ جداً، لأنهم استفادوا من هذا الكم والإمكانيات التي تقدمها المؤسسات الثقافية في الدولة مما أدى إلى التحفيز، إضافة إلى أن المشاركات الخارجية أيضاً لها دور مهم لتعريف العالم بتطور الفنون التشكيلية والبصرية في الإمارات، وقد اخترق الفن الإماراتي الجدار الحاجز للتطور والتقدم في تجاربه الفنية.