فاطمة عطفة (أبوظبي) - استضاف صالون الملتقى الأدبي أول أمس د. صلاح فضل، أستاذ النقد والأدب المقارن بكلية الآداب في جامعة عين شمس، في جلسة افتراضية حول النقد ومناهجه، بحضور الروائيين واسيني الأعرج وإبراهيم الكوني، إلى جانب سيدات الملتقى وضيوفه، وقد رحبت السيدة أسماء صديق المطوع بالجميع، قائلة: نلتقي اليوم مع الصديق العزيز والقامة الأدبية والنقدية الشامخة الدكتور صلاح فضل، لمحاورته حول «تجربته في النقد»، لنستمد لمحات من ثقافته الواسعة وحسه الفني وذائقته الأدبية، وهو يمتلك أدوات التحليل والفكر، ويقف قامة شامخة من أهم رموز النقد العربي، ونستمع اليوم عن منهجه في القراءة وأسلوبه في التناول ونسقه في التقييم، وعن مشروعه لتأسيس مدرسة في النقد الأدبي الحديث.
الناقد، والمبدع، والمتلقي، هذه هي المحاور الثلاثة التي استهل حديثه بها د. صلاح فضل، مضيفاً: المبدع.. يتمثله الناقد دائماً ويخاطبه ويحاوره ويتفاعل معه، والمتلقي.. نحن الآن نشترك فيه جميعاً، وفي تقديري، أن النقد في جذره وبذوره الأولى لا بد أن يكون استعداداً فكرياً، بمعنى أنه يرتكز على موهبة، هناك موهبة نقدية، كما أن هناك موهبة إبداعية، ومن لا يملك هذه الموهبة يشقى كثيراً، قد تفيده الدراسة، وقد تصقله القراءة، لكن المهم أن يملك النظرة الثاقبة والذكاء الذي يسمح له بلمحة خاطفة أن ينفذ إلى أعماق النصوص، وللأسف لا أحد يخبرنا عندما نبدأ حياتنا عن مواهبنا، فلنفترض أن كل إنسان يملك قدراً من الموهبة في مجال ما، بما يشبه استعداداً غريزياً، هذا الاستعداد الفطري يتجلى في شيء من الولع والافتتان في القراءة منذ الصغر، هذه الفتنة علامة تتجلى فيها الموهبة الأدبية إبداعاً ونقداً.
وتابع د. فضل حديثه، مطلاً على البدايات: «في مقتبل صباي جربت كتابة الشعر، حيث كنت معجباً بأمير الشعراء أحمد شوقي، فتساءلت:«هل أستطيع أن أكون بقامة شوقي؟ هذا غير ممكن، لذلك عدلت عن كتابة الشعر مكتفياً بقراءته وتذوقه، وجربت أن أكتب القصة أيضاً، فكتبتها ولم تعجبني»، ولأنه مارس النقد على ذاته أولاً، تبين له بعد ذلك أن النقد الذاتي ضروري لكل من يشتغل بالإنتاج الأدبي، ولا بد أن يمتلك هذا القدر من نقد الذات، حتى لا يسير وراء أوهام.
وأضاف موضحاً: بعد أن اجتزت المرحلة الجامعية رأيت نماذج من كبار النقاد والعلماء، وقرأت لهم واستمتعت بإبداعهم، تبين لي أن هناك مشكلة حقيقية؛ إذ ليس بوسعي أن أكون أستاذاً للأدب أو ناقداً، إلا إذا امتلكت المنهج، لذلك بدأت أحاول أن أكوّن أدواتي المنهجية، والأدب عموماً يخضع لما أسميه «الأنابيب المستطرقة»، بمعنى أن فنون الأدب (الشعر والرواية والقصة والمسرحية والمقال الأدبي وحتى المقال الرقمي الحديث) كلها تمتاح وتمتص من منابع جمالية مشتركة.
وسرد د. فضل ثلاث مراحل لممارساته النقدية الأولى، محاولاً استيعاب الأدوات والأجهزة المعرفية التي مكنته من النقد، فكتب عدة كتب نظرية، منها «منهج الواقعية في الإبداع الأدبي» وغيرها، وكان هذا برأيه تدريباً ضرورياً على امتلاك الأدوات لمن يريد أن يكون ناقداً محترفاً.
وختم مؤكداً على أهمية إبداعات المرأة في الآداب والفنون، وضرب مثلاً أن الطفل في صحبة الرجل يصبح أخرس، بينما يصبح مبدعاً بفضل حنان المرأة وصبرها وحكاياتها. ولفت إلى القصور الشديد في المناهج، لأن واضعيها بعيدون عن الأدب، خوفاً من المساس بالسياسة والدين والأخلاق، مبيناً أنهم استبعدوا أعمال نجيب محفوظ، لأن لدينا مشكلة في وضع المناهج، وأشار إلى كتابه الجديد «صدى الذاكرة»، وهو بصدد كتاب آخر بعنوان «طوّاف في الوطن العربي»، وستكون الإمارات في قلب هذا الكتاب.