نوف الموسى (دبي)- برعاية سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، نظمت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، جلسة نقاشية افتراضية بعنوان: «صناعة المعرفة في الكتابة الإبداعية»، أوضح خلالها جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، أن برنامج دبي الدولي للكتابة، انطلق من عدة تساؤلات نقاشية في عام 2013 حول ضرورات الكتابة الإبداعية، وأهمية إنشاء منصة تعليمية تبحث جودة المنتج الإبداعي، وجاء تأسيسها بمشاركة 10 متدربين في أول ورشة، قدمتها الروائية اللبنانية نجوى بركات. وتابع جمال بن حويرب أنه إلى جانب نخبة من المدربين المتخصصين، وبعد مرور 7 سنوات على البرنامج، فقد تجاوز عدد المتدربين نحو 300 شخص، من مختلف الدول العربية، مبيناً أن المرحلة الحالية والقادمة تعد أصعب، لأن هناك بحثاً أعمق لما هو أفضل على مستوى إنتاجات المتدربين، وخاصة بعد أن نال العديد من المنتسبين للبرنامج، جوائز أدبية محلية مهمة. 
وشهدت الجلسة النقاشية، بإدارة الإعلامي حسين درويش، سؤالاً محورياً حول أبعاد حضور المعرفة في النص الأدبي، وآلية صناعته الإبداعية، فمن جهته اعتبر الأكاديمي والروائي د. شكري مبخوت، أنه في معظم الروايات المهمة، تم الاشتغال بشكل كبير على المعرفة، لأن الرواية في عصر الحداثة وما بعد الحداثة، لم تعد تروي حكاية لتمضية الوقت، بل أصبحت تجمع معارف شتى، فمثلاً فيما يتعلق بالكتابة نفسها، أشار مبخوت إلى محور بناء الشخصية الروائية، إذ على الكاتب أن يحدد ملامحها، في الجانب الفسيولوجي الخارجي، إضافة إلى الجوانب الباطنية والنفسية، وجميعها معرفة يجب أن يتسلح بها الروائي، كي يبلغ رسم ملامح الشخصية. 
ولفت مبخوت إلى المعرفة المتعلقة بدراسة جغرافية المكان، مقدماً رواية «في فمي لؤلؤة» للروائية الإماراتية ميسون صقر نموذجاً، قائلاً: من يقرأ الرواية يكتشف أن الكاتبة بذلت جهداً في التوثيق، وبلورة الإطار التاريخي، والغوص في عالم فريد من تاريخ الإمارات، فهي رواية مثقفة، يخرج منها القارئ بجملة من المعارف، التي يمكن أن يجدها في المراجع وكتب الرحالة والخرائط، مضيفاً أن هناك صنفاً آخر من المعارف، المتعلقة بالأنثروبولوجيا، وتتصل بحياة الإنسان في بيئته وثقافته ومعتقداته وتصوراته وأخلاقياته. 
وتحدثت الأكاديمية ومدربة أدب الطفل الدكتورة وفاء الميزغني، عن أبعاد نشر المعرفة ضمن منهجية التعليم في برنامج دبي الدولي للكتابة، الذي سعى إلى تطوير المهارات، ووضع المتدربين في الطريق الصحيح للكتابة، من خلال فهم التقنيات السردية للحوار وبناء الشخصيات، ومناقشة طبيعة الموضوعات التي تطرح على الطفل واليافعين، والوعي بالسياق الاجتماعي والنفسي واللغوي، لمختلف المراحل العمرية للطفل، إضافة إلى تعرف المتدرب على التجارب الناجحة وغير الناجحة، والوصول إلى خلاصة مخرجات الأدب العالمي والعربي في المجال، والاهتمام بإمكانية التوظيف لمختلف المعارف من مثل التراث، مع التأكيد بأن يكون غير موجه، وللمتدربين حرية التفاعل مع نصوصهم.
وقدمت الكاتبة الإماراتية مريم الزرعوني شهادتها، وهي إحدى المنتسبات لبرنامج دبي الدولي للكتابة، وحصدت روايتها في أدب اليافعين «رسالة من هارفارد» جائزة أفضل كتاب للطفل، ضمن جائزة العويس للإبداع. وأوضحت الزرعوني أنها وضعت في الاعتبار مسألة أن المعرفة الصريحة التي يعبر عنها بالأرقام والنظريات، يجب أن توظف بشكل لا تكون فيه هذه النصائح والتوجيهات مباشرة لليافعين، وبذلك ضمنت نتاجها الإبداعي بالمعلومات المتعلقة ببيئة وثقافة الإمارات، تدعمها في هذا خلفيتها العلمية، وقد تركزت فحوى روايتها على تقنية تفصيلية، وهي أن بعض المعارف يجب أن تتحول إلى معرفة ضمنية، تتفاعل بشكل لا واعٍ لدى القارئ.
ولا يتوقف القاص ومدرب القصة القصيرة إسلام أبو شكير، عند الحصيلة المعرفية، بحسب تعبيره، عندما يتحدث عن الجانب المعرفي في العمل الأدبي، فهو يرى أن الكاتب لا يضع نصب عينيه مسألة أن يقدم للقارئ معرفة، وخاصة أن هناك طرقاً عديدة للحصول على المعرفة، وقد تكون أيسر وأدق مما يقدمه النص الإبداعي، وفي المقابل، فإن الحصيلة المعرفية التي يقدمها الكاتب هي جزء من هدف يسعى له المبدع وهو الإقناع، ما ينتح نصاً أدبياً متكاملاً يتفاعل معه القارئ.
وأكدت الكاتبة ومدربة أدب الطفل هدى الشوا أنها خلال الورش المعرفية قد ركزت على رسم الشخصيات بطريقة ديناميكية، بأن تكون فاعلة وصاحبة فعل في القصة، لدفع السير بالأحداث، لا أن تكون مستلبة أو مفعولاً بها، بل متغيرة وتنتج معرفتها داخل النص الأدبي. 
وأخيراً، أشارت الكاتبة الإماراتية بدرية الشامسي، إحدى المنتسبات لبرنامج دبي الدولي للكتابة، إلى أن هناك مؤشرات أداء لبرنامج دبي الدولي للكتابة، ذات تأثير هرمي مستقبلي، وخاصة أن خريجي البرنامج أصبح البعض منهم يقدمون ورشاً تدريبية، ويؤثرون على أجيال قادمة، متحدثة عن تجربتها في إنتاج كتب للأطفال، أبرزها قصة «سقف الأحلام»، التي تم اختيارها ضمن منهاج الصف الرابع الابتدائي في دولة الإمارات، وبحسب بدرية الشامسي، فإن عدد الأطفال في الصف الرابع المسجلين في الدولة يصل إلى نحو ربع مليون طالب، قد قرؤوا القصة، وتأثير ذلك عموماً في صناعة المعرفة.