فاطمة عطفة (أبوظبي)
نظمت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي صباح أمس، بشكل افتراضي، الدورة الثامنة من المؤتمر الخليجي للتراث والتاريخ الشفهي تحت شعار «تاريخ الأوبئة في شبه الجزيرة العربية»، وذلك بحضور مجموعة من الأكاديميين والخبراء في التراث من مختلف دول الخليج العربي، في جلسة أدارها سعيد حمد الكعبي، مدير إدارة التراث غير المادي في الدائرة، وعرضت خلالها معلومات مهمة حول كيفية تغلب منطقة شبه الجزيرة العربية على الأزمات الصحية الماضية في كافة الصعد الاجتماعية والمادية والنفسية والاقتصادية، مما مكّن مجتمعات ودول المنطقة من اكتساب المرونة والصلابة اللازمة عبر الزمن، مؤكدين على الأمل بتجاوز ظروف الجائحة الراهنة التي يمر بها العالم، وأهمية التعاون في هذا الشأن.
تاريخ مشترك
وبدأ المؤتمر فعالياته بكلمة افتتاحية لسعود عبدالعزيز الحوسني، وكيل الدائرة بالإنابة، مرحباً بالضيوف، قائلاً: لقد شاءت الظروف الصحية التي نمر بها والعالم أجمع أن يعقد المؤتمر لهذا العام بتقنية التواصل عن بُعد، وأن يواكب موضوعه قراءة في التاريخ الشفهي للأوبئة التي تعرضت لها المجتمعات الخليجية في العصر الحديث وسبل مواجهتها، وهي قراءة تستحق الوقوف والتأمل في ظل الجائحة التي نمر بها الآن.
وتابع: إن لدينا من تاريخنا الخليجي المشترك الكثير من التجارب والممارسات التي تعزز الإجراءات الحالية التي تقوم بها حكوماتنا الرشيدة ومؤسساتنا الواعدة، وفي مقدمتها قيم التعاون والتكاتف، والوعي المجتمعي. وأوضح قائلاً: لقد أضحت استراتيجيتنا في دولة الإمارات لمكافحة كورونا محط إعجاب وتقدير كل الهيئات والمؤسسات الدولية، وغداً يوم الانتصار قريباً.
ومن جانبه، قال سعيد حمد الكعبي، مدير إدارة التراث غير المادي: «منذ إطلاق مؤتمر التراث والتاريخ الشفهي لدول مجلس التعاون الخليجي بنسخته الأولى عام 2012، سعينا إلى الحفاظ على التراث المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي، من خلال جمع كبار الخبراء في منصة واحدة لمناقشة الجهود المستمرة لحفظ وحماية تراثنا».
تجربة فريدة
وحول تجربة الإمارات في مواجهة كورونا، تحدث د. مطر سعيد النعيمي، مدير إدارة الطوارئ والأزمات في دائرة الصحة - أبوظبي مدير عام مركز أبوظبي للصحة العامة، ملقياً الضوء على البرامج الصحية والإجراءات الوقائية والاستباقية المهمة التي اتخذتها الإمارات منذ البداية، مشيراً إلى أنها تجربة فريدة سارت ضمن الاستراتيجية التي رسمتها القيادة الرشيدة، وقامت بها الهيئات والدوائر المختصة بكل كفاءة وإتقان. ثم تحدث الكاتب والمفكر الإماراتي الدكتور يوسف الحسن عن «الرواية التاريخية حول الأوبئة في الإمارات قبل الاستقلال»، مقدماً عرضاً تاريخياً للأوبئة والأمراض التي مرت بها الدولة والمنطقة.
وتابع المؤتمر فعالياته مع د. أحمد عيسى الهلالي من المملكة العربية السعودية، الذي استعرض لمحات من موضوع تاريخ الأوبئة في المملكة في الأزمنة المعاصرة، مشيراً إلى أن حوالي مليونين من الحجاج يأتون إلى مكة المكرمة، والهيئات الصحية في المملكة توفر لهم الرعاية الصحية التامة، راجياً أن نتجاوز جميعاً هذه الجائحة الجديدة.
علم الآثار والأمراض
وتحدث د. حسن أشكناني أستاذ الاجتماع والأنثربولوجيا في جامعة الكويت، بادئاً بالحديث عن علم الآثار والأمراض القديمة، مبيناً أن دراسة العظام قبل آلاف السنين، باستخدام الكربون 14، كشفت عن كثير من الأمراض القديمة، موضحاً أهمية التراث الشعبي في العلاج قديماً.
وتناول د. حمد إبراهيم العبدالله، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة البحرين، موضوع الأمراض والأوبئة التي حدثت في البحرين في أوائل القرن العشرين، مشيراً إلى أهمية بعثات أجنبية ساهمت في دعم الجهد الصحي، وأكد على أهمية تقوية الجانب النفسي في مواجهة الأوبئة.
وأما د. عيد الهاشمي، أستاذ التاريخ في جامعة السلطان قابوس بعُمان، فقد أشار إلى الافتقار للإحصائيات في الماضي، كما تحدث عن الطاعون والأوبئة الأخرى، وخاصة التي تنتقل عبر السفن، كما بيَّـن أن الحجر الطبي لم يكن موجوداً، وكان الناس يكتفون بعزل المريض أو العائلة كلها، وكان هذا يؤدي إلى وقوع ضحايا عديدين.
توصيات مهمة
وضمن التوصيات، أكد المشاركون على أهميّة المؤتمر الخليجي للتراث والتاريخ الشفهي، ودعم استمراريّته كمنصة خليجيّة ثقافية وتراثية، تبرز مكانة المرويات الشفهيّة في توثيق التاريخ والتراث الخليجي المشترك. ورأوا ضرورة إجراء المزيد من البحوث والدراسات الأنثروبولوجيّة حول الأوبئة التي تعرضت لها المجتمعات الخليجيّة في العصر الحديث وسبل مواجهتها، وتوثيق تجارب الدول الخليجيّة في مواجهة الأوبئة كجزء من التراث الإنساني.