باريس (د ب أ)


تستحق الساعات التي عاشتها البطلة الأولمبية الجزائرية إيمان خليف، قبل وبعد نزالها مع منافستها الصينية ليو يانج، في نهائي وزن أقل من 66 كجم، في أولمبياد باريس 2024، أن توثق، لتشكل فصلاً جديداً من حياتها المليئة بالتقلبات المثيرة.
وانتزعت خليف الميدالية الذهبية، بعد نزال سيطرت عليه من البداية حتى النهاية، وتحت هتافات جماهير قاربت 15 ألفاً احتشدوا بملعب «فيليب شاترييه» برولان جاروس. وغادرت خليف، رفقة مدربيها بيدرو لويس دياز، ومحمد شعوة، وأيوب جروب، إضافة إلى اثنين من مسؤولي البعثة الجزائرية، مقر إقامتها بالقرية الأولمبية نحو محطة حافلات نقل الرياضيين إلى أماكن المنافسات، وسط دعوات بالنجاح من إحدى العائلات المقيمة بجوار المبنى.
كل ما طلبته خليف، في هذا الطريق القصير، كان «علكة» ربما للتخفيف من التوتر الذي بدأ يسيطر عليها.
فما كان من مرافقيها إلا أن يلبوا طلبها، ومن حسن حظهم أن جزائرية الأصل من موظفي الأمن، وفرت «علكات» وليس «علكة»، من أجل عيون «بطلة قومية».
بعد دقائق وصلت ليو يانج، رفقة طاقمها إلى محطة الحافلات، ووقفت على بعد مترين من خليف، دون أن يتبادلا التحية، بخلاف بقية أعضاء الطاقمين الذين دخلوا في حديث ودي، خاصة أن مدربي الجزائرية والصينية ينحدران من بلد واحد «كوبا».
صعد الجميع إلى الحافلة، جلست خليف، بعيدة عن يانج، وبعد دقائق طلبت هاتف أيوب جروب، لتصفح شيء ما، عاودت الطلب مرة ثانية، ثم دخلت في تركيز تام إلى غاية الوصول إلى ملعب رولان جاروس بعد 30 دقيقة من السير، وقبل نحو 3 ساعات من النزال، دخلت خليف ومنافستها يانج، رولان جاروس وكاميرا التليفزيون تتبع خطواتهما حتى غرف تبديل الملابس.
في هذه الأثناء بدأت أرجاء ملعب رولان جاروس تعج بالمشجعين، وكان واضحاً التوافد الكبير للجزائريين الذين تميزوا عن غيرهم بحمل علم بلدهم وترديد الهتاف الشهير «وان، تو، ثري، فيفا لالجيري».
بعد التاسعة والنصف ليلاً، انطلقت النزالات النهائية، وكان ترتيب نزال خليف-يانج هو الرابع والأخير.
انتظر تقريباً كل من كان في الملعب هذا الموعد، وظهر بعض الخلل على المنظمين الذين فشلوا في كبح مشاعر المشجعين الجزائريين الذين تفاعلوا واحتفلوا بالتتويج الذهبي لإيمان خليف، كما لو فعلوا مع انتصارات منتخب كرة القدم.
كررت خليف احتفالها على طريقة النجم السابق لنادي مولودية الجزائر يوسف بلايلي، وحاولت بكل الطرق إخفاء دموعها عند عزف النشيد الوطني «قسما».
بالموازاة انطلقت أفراح كثيرة في مناطق عديدة من الجزائر منها قرية بيبان مصباح مسقط رأسها ومدينة تيارت خصوصاً.
توجهت خليف، إلى منطقة التصريحات الصحفية، وعندما كانت تتحدث إلى تليفزيون «بيين سبورتس» فاجأها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، باتصال هاتفي هنأها فيه على إنجازها.
وواصلت البطلة الأولمبية التأكيد خلال المؤتمر الصحفي عندما انتهت من المؤتمر، استوقفها عدد من المعجبين لالتقاط صور تذكارية، ثم توجهت إلى غرفة اختبار الكشف عن المنشطات الذي استغرق بعض الوقت، عند الساعة الثانية والنصف صباحاً، وصلت خليف، إلى مدخل القرية الأولمبية، وهناك كان بانتظارها العشرات من الجزائريين الذين استقبلوها استقبال الأبطال.
نفس المشهد تكرر داخل القرية، حيث حاولت تلبية بعض الطلبات، قبل أن تضطر للصعود لشقتها للراحة والنوم قليلاً بعد ساعات ستبقى محفورة في ذاكرتها للأبد.